جفرا نيوز -
لارا علي العتوم
لم نعش استثنائية ومفارقة عظيمة كالتي عيشناها ونعيشها في نهاية عام 2024، عام الاستثنائيات بإمتياز، فرغم حفاوته بالمآسي والتحديات تمحورت بالحرب على غزة استطاع ان يمضي بنا نحو أيام لم تكن ضمن التوقعات جعلتنا نتمسك بامل انقشاع الظلم الواقع على غزة. استيقظنا بعد ليلة مريرة بأحداثها على وقف اطلاق النار في لبنان جالباً الفرح والسرور لنهاية عام ايامه كادت لن تنجلي لقساوتها، لتكتمل الفرحة ووتضعنا الايام نفسها امام أكبر تحدي لاكثر الشعوب التي عاشت ظلماً قد لا يفرقها عن الاحتلال الا الشيء البسيط واستقلالها، شعباً اصبح الظلم جزء لا يتجزء من كينونته وطبيعته، دخل فترة عصيبة منذ 13 عاماً ويزيد بسبب انه اراد شئ بسيط من حريته كالتعبير، فحل عليه ظلماً لم يشهده اي شعب، وكما اصبحتنا سوريا بالألم والحسرة أصبحتنا اليوم بإنتقال سياسي حقيقي من وضع غير ديمقراطي إلى ديمقراطية تنتعش معها الحياة بالتنمية والحرية والاستقلال، لن يختلف أحد على مشاعرنا وإعتزازنا برقي شعب كاد الظلم ان يكون من اساسيات حياته ان لم يكن من اولوياتها، شعبا برقيه وتشدقه للحرية التي كان يحلم بها، اول ما حرر هو السجون وندعو الله ان يكونوا على قيد الحياة فما رأيناه في المستشفيات خلق لدينا سؤال كيف كان لديهم القدرة على العيش تحت هذا الظلم، واصبحنا من خلف الشاشات جعلنا لا نفكر بالدستور واصلاح النظام السياسي بل نريد تحرير السجناء والعلاج للمرضى في المستشفيات ودفن من نُكل بهم لذنب قد يكون أوهن من خيط العنكوب.
كل التبريك لسوريا التي عاشت الظلم دون ذنب، ونجاحها بتصميمها وعزيمتها بالانتقال من حكم الفرد مطلق الصلاحيات الذي يحكم الناس بالأهواء وبإرادته التي لا تعلو عليها إرادة أو رغبة أو سلطة مضادة، إلى الحكم المقيد بالقانون والدستور والحاكم الخاضع لسلطة الإرادة العامة، بالتاكيد اذا اكمل السوريون المشوار بهذا الرقي والحب ستنجح الدستورية وستنجح ترجمتهم لها لواقع وستتحول فكرة ارساء دعائم النظام الديموقراطي الى الحرية.
لا شك ان سوريا عريقة بتاريخها، اراد من اراد ان يكون بالياً تحت شعار التحديث، ونجح لمدة 60 عاماً ويزيد ولكن لولا فسحة الامل، نجحت سوريا واخيراً في اجهاض الفتن والنعرات والظلم بنجاحها بفرض ما تريد وهو تصالح الهوية والقيم المجتمعية والحضارية مع طبيعة حكم او عيش وتجلى ذلك بما نراه من تلاحم عفوي وحب عفوي للحرية فالشعب السوري يد واحدة بعزيمة سياسية واقتصادية واحدة، بعد ان عاشت حياة لم تعرفها بلد بمقوماتها على مدار التاريخ عاشت انتقالات كبرى مهمة لكنها استطاعت ونجحت في ان تكون مثمرة لأكبر تحول عربي جيوسياسي وديموغرافي مُصاناً بالتنسيق العربي بنسق سياسي وبإرادة مجتمعية والإرادة العامة ضامناً للعيش مدى الحياة، ومتمسكاً بقيم راسخة وليس إرادات الأفراد، فهذا هو الجدار السوري امام كل التدخلات ومنع الانقسام الداخلي، وعدم وقوعه ضحية التكالب أو عدم الوعي أو هواجس الانشغال بالأسئلة الأيديولوجية حول الخيارات الثقافية والقيمية للمجتمع التي تُدخل الامم في صراعات وحروب داخلية.
حمى الله أمتنا
حمى الله الأردن