صور كثيرة ترسم ملامح سوريانا الجديدة أهمها على الإطلاق ساحة المرجة لارتباطها التاريخي بمسيرة الشعب أو الأمة السورية نحو الاستقلال الذي خلده التربويون بتسمية شهادة أداء طلبة المدارس -بعد الامتحانات- ب «الجلاءات».
سورية التي استرد علمها الوطني نجمتها الثالثة أمامها جدول حافل من المهام، ليست كلها سياسية. الجلاءات التي يستحقها السوريون بعد معاناة لم تبدأ فقط عام 1971 لا بد أن تكون شاملة على وقع ما كان يوما في لبنان هتافا صدّاحا «كلّن يعني كلّن».. جميع القوات غير السورية لا بد لها من الجلاء، وحتى يتحقق ذلك، لا بد من حل الفصائل المسلحة السورية وصرف أو طرد الأجنبي منها. الأجنبي هنا تعني كل من هو غير سوري الأصل والفصل، لا سوريا بالتجنيس أو الاستجلاب والتوطين المذهبي أو السياسي.
لم يكن لحكم بشار ونظام الأسد بواكي له لا سياسيا ولا حتى إعلاميا فلم يسلم من سهام أقرب حلفائه نظما وتنظيمات. لكن في المقابل، كثيرون ممن صفقوا للصفقة التي ضمنت الاحتفاظ بالأمن والجيش وبقاء الدولة ومنحه وأسرته اللجوء السياسي في موسكو، يريدون تحقيق نتائج لا علاقة لها لا بمقاومة قمع ولا بمحاربة فساد.
أهم المواقف بطبيعة الحال الجوار الإقليمي والمحيط العربي والموقف الدولي. القاسم المشترك الأعظم بينها هو التوصل إلى حل سياسي، واضح أنه لن يخرج عن التزامات قرار مجلس الأمن 2254 الذي لطالما راوغ الأسد للإفلات منه.
الارتياح العربي لغياب «الثأرية» والتفاؤل بسلمية انتصار المعارضة وتفاهمها مع ما صار حكومة تصريف أعمال في دمشق، يشير إلى توفر فرصة على «المنتصرين» اغتنامها قبل أن تسرقهم نشوة النصر وزهوة الحكم.
الرئيس الأمريكي جو بايدن تعهد بالحكم على تلك الأطراف بما يراه من «أفعال» لا يسمع به من أقوال، وتلك إشارة لا تعني بالضرورة رفع «هيئة تحرير الشام» عن لائحة الإرهاب. حتى ساعة كتابة هذه السطور لم يصدر عن أحمد الشرع سوى إشارات تطمينية أهمها تعهده بقطع دابر الكبتاغون والإرهاب ورفض تحويل سورية إلى «مزرعة» للنظام الإيراني بحسب تعبيره في خطبة ألقاها بين صفوف المصلين في المسجد الأموي بدمشق في صورة مغايرة لزعيم عصابة داعش الإرهابية «أبو بكر البغدادي» الذي اعتلى منبر جامع الموصل الكبير بعمامة سوداء.
«ساحة المرجة» تستحق أفراح المستقبل بعيدا عن هرج ومرج الماضي الذي أدمى سوريانا. فهل يُقدم الشرع على ما ألمح إليه قبل دخوله دمشق بحلّ الهيئة، وربما حتى يفاجئ الجميع بالانسحاب طواعية من المشهد، فيُظهر «زهدا» سيكون قطعا لصالح ما يطرحه «الجهاديون» والثوريون من شعارات رأينا نتائجها الدامية عبر التاريخ وعلى امتداد جغرافيا «الشرق الأوس ط الكبير»؟!