جفرا نيوز - فرح سمحان
ليس غريبًا أن تكون حلقة الوصل بين رئاسة مجلس النواب وأعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي، النائب المخضرم صالح العرموطي، فيما الغريب هو أن تكون صلاحيات الرئيس أحمد الصفدي شبه مقيدة أمام قدرة العرموطي على امتصاص المناكفات ، وآخرها المشادة في آخر يوم من مناقشة البيان الوزاري عشية التصويت على منح الثقة للحكومة، إذ بات واضحا توتر العلاقة بين النائب عن كتلة حزب جبهة العمل ناصر النواصرة وقنوات الاتصال في الرئاسة، حتى أن اعتراضه على الوقت المخصص للحديث شأنه شأن أي نائب آخر تحول لحديّة ، وعلى إثرها طلب الصفدي من العرموطي التدخل، حتى لا يقوم باستخدام صلاحياته ، فيما كان استخدام الصفدي لمصطلح "زيحه"، أي أثناء مخاطبته للنائب الذي يلي النواصرة ، محط انتقاد واسع على اعتبار أنه لا يجوز استخدام تعابير تقلل من شأن الآخر.
الأمر كان مختلفًا بالنسبة للنواب الإسلاميين الذين قرروا أن ينفردوا بكلمات تحرج الحكومة وتقحمها بين أربعة جدران، ومع ذلك لم يدخلوا في صدام مباشر مع رئاسة المجلس على اعتبار أن حالة من التوافق والتفاهم كانت تدور خلف الكواليس قبيل التصويت على الثقة والتي لا مجال فيها للمقايضات مع الإسلاميين؛ لأن الحجب أمر محتم، إذ تركزت بالمجمل كلمات كل من بيان المحسيري، وديمة طهبوب ، وينال فريحات على ملفات محلية مفصلية، وأخرى تتعلق بالشأن الخارجي، وأبرزها العلاقة مع أمريكا والعدو الصهيوني، فيما طالب العرموطي باعتباره عميد الكتلة الإسلامية تحت القبة بقطع العلاقات مع الاحتلال، وهذه ليست المرة الأولى التي تتسم فيها الخطابات الإسلامية بهذا النوع من الكلمات.
اللافت أنه وبالعودة إلى ما بعد انتهاء النواصرة من كلمته وإصراره على الإكمال حتى بعد قطع الصوت عنه لنفاذ الوقت المخصص، قام الرئيس الصفدي بنطق الشهادتين، الأمر الذي يُفسر على ضيق مزاج الأخير وصبره حتى آخر نفس لكي لا يلجأ لصلاحياته كما قال، وقبيل الاستعانة بالعرموطي تحت بند جديد في النظام الداخلي عنوانه "تدخل أبو عماد"، وبالعُرف البرلماني الصفدي يحاول تجنب العراك وحفظ خط الود لخاطر العرموطي، الذي ما تمكن خبث وخبايا الترشح لرئاسة المجلس من تفتيت علاقتهما ، والأهم أن الصفدي يريد التعامل بتروٍ وتفاهم منقطع النظير مع الجميع ؛ حتى لا يسجل عليه أنه منحاز لأحد ، في وقت تحتاج الدولة لبرلمان حزبي بعيد عن الفوضى والعشوائية.
بالمقابل أن يقوم 22 نائبًا بمعزل عن الـ 31 نائبًا من الإسلاميين بحجب الثقة عن حكومة جعفر حسان وبعدد إجمالي 53، أمر لا يمكن تفويته على اعتبار أن هذه الحكومة هي الأقل بعدد أصوات منح الثقة مقارنة بآخر 3 حكومات، وهذا يفرض التفكير في أمرين، الأول تركيبة المجلس الجديدة المخصص فيها 41 مقعدًا للأحزاب، والثاني هو أن أطراف حديث دارت بين النواب قبيل سويعات من التصويت على الثقة، تم خلالها "هندسة" الآلية ، وبالأساس طموح الرئيس حسان لم يعبر حاجز نصف أعضاء المجلس، أي 69 نائبا زائد واحد وفق الدستور، فيما حصلت حكومته من خلال تصويت النواب على 82 صوتًا.