جفرا نيوز -
يحيى الحموري
في لحظةٍ فارقة من تاريخ الأردن السياسي، ومع انطلاق رؤية التحديث السياسي التي حلمنا بها كركيزة لتطوير العمل الحزبي وترسيخ الديمقراطية الحقيقية، نفاجأ بقرارٍ صادمٍ وغير مبرر من حزب العمال بفصل النائب الدكتور محمدالجراح من صفوفه، ليتبعه فصلٌ تلقائيٌّ من مجلس النواب، في مشهدٍ يمثّل اغتيالاً صارخاً لمبادئ العدالة وحرمة التمثيل الشعبي، وضرباً عميقاً في مصداقية التجربة الحزبية الأردنية.
إن هذا القرار والذي أعتقد انه كيدي وظالم وأقدم عليه حزب العمال يثير تساؤلات عميقة: أين الأدلة؟ وأين الشفافية؟ هل أصبح الاختلاف في الرأي أو التزام النائب بواجبه الرقابي جريمة تستوجب الإقصاء؟ والنائب لم يبدأ بعد .
وإن ما حدث ليس إلا تغوّلاً حزبياً مكشوفاً يخفي وراءه أجندات ضيقة ومصالح شخصية بعيدة كل البعد عن مصلحة الوطن والمواطن. هذا القرار لم يُسهم إلا في تسخيف التجربة الحزبية الوليدة التي بُنيت على أمل أن تكون منارة للإصلاح السياسي. فإذا كانت الأحزاب التي طالما دعونا لتعزيز دورها تتحول إلى أداة للتصفية السياسية والكيدية، فأي رسالة نبعث بها إلى الشعب الأردني؟ وأي نموذج نقدمه للشباب الذين نريدهم أن يؤمنوا بالعمل الحزبي؟
إن القرار بفصل النائب الجراح يضرب في عمق الثقة بمسار التحديث السياسي الذي أطلقه الملك . فكيف نطالب الناس بالإيمان بالعمل الحزبي والانخراط فيه بينما تُمارس الأحزاب نفسها هذا النوع من الإقصاء الجائر؟ وكيف نحدث نقلة نوعية في العمل البرلماني إذا أصبحت الأحزاب سيفاً مسلطاً على رقاب النواب ؟
وإن هذا القرار يهدد جوهر الديمقراطية نفسها. وإنه رسالة سلبية يجب أن نتصدى لها بكل حزم، لأن الصمت أمام هذا الظلم هو قبول ضمني بانحدارنا إلى مربعٍ خطير من الهيمنة الحزبية.
ندعو الدولة بكل مؤسساتها إلى التدخل الفوري لحماية نزاهة التجربة البرلمانية والحزبية.
ولأننا نؤمن بأن الأردن أكبر من أية ممارسات كيدية، وأن مسيرة التحديث السياسي لن تُجهض بمثل هذه القرارات العابثة.