جفرا نيوز -
بقلم : فيصل تايه
بات العقل السياسي العربي الرسمي في معظمه ينتظر حلولاً للمشاكل والأزمات بالنظر إلى ما افرزته الانتخابات الأمريكية من نتائج، والبعض ظنوا أن الحلول ستأتي مع صعود ترامب، لأنه يرفع شعار أمريكا أولاً، واعتقدوا أن ذلك يعني انكفاء ترامب على معالجة أوضاع أمريكا الداخلية، وهذا قصور في فهم سياسة أمريكا الخارجية الثابتة على أسس وضع مداميكها وزير خارجيتها الراحل هنري كيسنجر، حيث تتلخص في جوهر عبارته الشهيرة الذي يقول فيها ” ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن تحل أي مشكلة بالعالم، لكن من مصلحتها أن تمسك بخيوط المشكلة وأن تحرّك هذه الخيوط حسب المصلحة القومية الأمريكية ".
ويمكن الجزم هنا أن سياسة أمريكا الخارجية لن تتغير لا في عهد ترامب ولا في عهد غيره من الرؤساء الأمريكيين المقبلين، وما يختلف فيه ترامب عن سواه هو أنه يدير سياسة أمريكا الخارجية بعقلية تاجر المزادات مع قدر عالٍ من الابتزاز لكي يحقق من خلالها مصالح أمريكا أولاً ، فعندما نريد ان نفهم عقلية ترامب السياسية قراءته سياسياً يجب الأخذ بعين الاعتبار منطق تعامله التجاري مع كل القضايا على قاعدة الربح والخسارة ،
أمريكا بالنسبة للعم سام القادم الى البيت الابيض عبارة شركة تجارية ينبغي أن تحقق أرباحاً، لكي تستمر في الريادة ، وان خوض الحروب الخارجية التي ترهق كاهل الاقتصاد الأمريكي لا ضرورة لها ، وإذا تطلب من أمريكا أن تحمي حلفاء لها أو تخوض حرباً خارجية لصالحهم، فإنه ينبغي على هؤلاء الحلفاء أن يسهموا في تمويلها ، فعند كل مشكلة تطرأ يطرحها ترامب في بورصة المزادات للمعنيين بها، ومن يدفع أفضل سعر، شريطة أن لا تتعارض مطالبه مع مصالح أمريكا، فإنه حينها يبحث في تفاصيل المطلب ويقوم بتنفيذه بعد أن يحسب حساب الفائدة والخسارة فيه، أى أنه يفكر بعقلية المستثمر المقاول طالما هناك من سيدفع الأتعاب والفائدة.
العقل السياسي العربي ، بات حائراً وبائساً ومعطلاً وعاجزاً عن إنتاج الحلول وينتظر أن تأتيه من العم سام ، ففي هذا الزمن الرديء، لم نعد أمة مستهلكة للسلع وسوقاً استهلاكية للماديات، بل أضحينا أمة مستهلكة حتى للقيم الفكرية والروحية ونستوردها، ونعتقد أنها حلول للأزمات والمشاكل التي تواجهنا، حتى صرنا نستورد قيم الآخر الثقافية، لدرجة ان هذا العقل ادمن التعامل مع كل شيء في الحياة بذهنية الشمبانزي ” التقليد والمحاكاة”.
مع تحياتي