جفرا نيوز -
كتب: الدكتور طارق زياد الناصر
لا شك في أننا كأردنيين ننظر إلى خطاب العرش السامي باعتباره خارطة طريق وطنية تحدد مسارات العمل لمؤسسات الدولة وللمواطنين عامة، وعليه فإن من الواجب علينا قراءة الخطاب ظاهريا وتحليليا باعتبار هذه القراءة هي مسار وطني لا بد من العمل عليه.
ولقد حملت مقدمة خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الامة العشرين رسالة هامة وأساسية في جوهرها وهي أن الملك ينظر لهذا المجلس بعين الثقة والأمل بأن يكون قادرا على المساهمة في عملية البناء والتحديث وفق أسس وطنية خالصة، ما يعني أننا أمام مرحلة جديدة من البناء التشريعي والرقابي المرتبط برؤية ملكية بعيدة الآمد تقوم على تحديث شكل المنظومة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية على أساس متين وبنية راسخة مستمدة من جذور هذا الوطن الهاشمي العروبي.
الرسالة الثانية التي حملها خطاب جلالة الملك هي رسالة في ظاهرها موجهة للأحزاب السياسية التي طالبها جلالتها بتقديم أداء برامجي من خلال وجودها تحت القبة، لكنها أيضا موجهة للسلطات المختلفة وللشباب والمرأة في مختلف القطاعات وذلك من خلال العمل الجماعي المستند إلى النص الدستوري والتشريعي، ما يعني أيضا التأكيد على ضرورة الاعتدال في النهج والرؤية لكل سلطة وقوى اجتماعية وقيامها بدورها دون استقواء او استهانة.
الملك وجه البرلمان لإعادة قراءة المشهد النيابي وترسيخ قواعد رصينة لتطويره، ما يتطلب حكما كما اعتقد دراسة النظام الداخلي والتشريعات الناظمة للعمل النيابي والحزبي، بالإضافة إلى تغليب مصالح وأولويات الدولة على المصالح الحزبية او الشخصية الضيقة،وذلك بهدف توثيق التجربة الحزبية وتطويرها بما يتناسب مع البرنامج الإصلاحي الوطني.
كما وضع جلالة الملك الشباب في مقدمة الأهداف الوطنية بإشارة مباشرة إلى بناء استراتيجة واضحة لإعداد الشباب لوظائف المستقبل، بما يشمل استمرار العمل بخطة التحديث الاقتصادي لزيادة النمو واستثمار مقدرات الدولة الأردنية بالشكل الذي يخلق بيئة محفزة للاستثمار في مختلف المجالات، وبما يلقي على مؤسسات الدولة بمسؤوليات إضافية في بناء البرامج الموجهة للشباب وتوفير الإمكانيات لهم، مع استقطاب الكفاءات الشابة لخدمة الوطن ضمن أطر مؤسسية.
في الخطاب ايضاً تأكيد على أن الأردن يملك مساحة واسعة من العمل ضمن المنظومة الدولية، متجاوزا التحديات المتعلقة بالوضع القائم في الإقليم وتسمح لنا بالضرورة أن نستمر في تنفيذ برامجنا الوطنية وتحقيق أهدافنا ورؤانا، الأمر الذي يتطلب من الجميع القيام بواجبه بكفاءة واقتدار وبما يتوافق مع رؤية جلالته وأهدافنا الوطنية الجامعة.
وقد يكون من واجب السلطة التشريعية اليوم واستنادا للخطاب السامي الدعوة لحوار وطنية مؤسسي يهدف إلى توجيه الجميع للعمل النوعي الملتزم بثوابتنا وبرامجنا، والتوجيهات الملكية بالتقدم لخدمة مستقبل الأردن وأجياله القادمة على الثوابت الإنسانية والسياسية والتاريخية للهوية الوطنية.
ما يعني بالضرورة أيضا أن النظر للخلف يقتصر على الاستفادة من الدروس، وان الاستسلام للواقع محرم في المنظومة القيمية للأردن والأردنيين، التي لا تغيب عنها قدس العروبة والقضية الفلسطينية أبدا.
ختام القول إن خطاب العرش السامي هو بوصلة الأردنيين الملتفين حول قيادتهم الهاشمية المظفرة،والجاهزون لبذل الغالي والنفيس خدمة لقضايا هذا الوطن العادلة وتحقيق رؤية جلالته لرفعة الأردن، ملتفين حول الراية الهاشمية واثقين بجيشهم العربي وأجهزتهم الأمنية، وسيبقى الأردنيون على العهد والوعد ليبقى الأردن عظيما طيبا مباركا بقيادة جلالته وحكمته، وستبقى عزيمتنا ثابتة قوية وإيماننا بكم يا جلالة الملك ثابتا لا يتزعزع.