جفرا نيوز -
لما جمال العبسه
منذ اكثر من 400 يوم على العدوان الصهيوأمريكي على قطاع غزة وما رافقه من مجازر وابادة جماعية تعددت اساليبها وتنوعت آلياتها ما بين قتل وتجويع متعمد وتدمير للبنية التحتية خاصة المستشفيات وغيرها وغيرها، اخذت فلسطين قصب السبق من العدو الصهيوني لتصبح قضية العالم المركزية وليست القضية العربية الاسلامية بمركزيتها واهميتها فحسب، ليرفرف علم فلسطين في عواصم عالمية مختلفة شرقا وغربا، وليتفتح ذهن الشارع الغربي على وجه الخصوص امام اهم قضية عادلة على وجه الكرة الارضية في التاريخ الحديث والاحتلال الظالم الجاثم على صدور اصحاب الارض الاصليين على مدار 76 عاما ذاق خلالها صنوف التعذيب وسرقة الارض والتهجير القسري.
هذا الجانب الانساني الهام الذي كشفت من خلاله هذه الحرب العبثية عن الوجه الاخر لدولة الكيان الصهيوني التي تدعي الحرية والديمقراطية، وخسرت كذلك تعاطف الشارع الغربي فيما يتعلق بمحرقة اليهود في المانيا، لتذوب كالملح في الماء هذه القضية التي يحاول بها الكيان ان يُدفع العالم ثمنا لامر ليس لهم فيه ناقة ولا بعير، كما افشلت هذه الحرب الادعاءات بمظلومية هذا الكيان ودولته الدخيلة على منطقتنا، على اعتبار انها تعيش في محيط مضطرب وتعاني للبقاء.
وخلال هذه المقتلة البشعة الدائرة في قطاع غزة ارتأت هذه الحكومة الفاشية ان تفرض حصارا على دخول الطعام والشراب والمؤن والمساعدات عدا عن الادوية والمعدات الطبية، حتى تنوع في اساليب قتلها، او على اقل تقدير تجبر اهل الارض على مغادرتها، وهذا بالمناسبة ليس الهدف الوحيد فهناك غاية اكبر من القتل، وهي ممتدة لاجيال قادمة.
هذه الغاية تتمثل في تحويل القضية الفلسطينية برمتها والعدوان على القطاع الى جانب الحاجة للمعونات والغذاء والدواء وما الى ذلك، حتى ان هذا الامر اتضح جليا في وقاحة طرح هذه الحكومة في ما يتعلق بصفقة تبادل الاسرى، فهي دائما ما تطرح وقفا مؤقتا للنار يضمن ادخال مساعدات الى القطاع، بمعنى تحويل الشعب الفلسطيني في القطاع بحسب ظنها الى مستجدٍ للطعام والدواء لا غير، وبالتالي إلهاء المجتمع الدولي بهذا الامر، لينسى معه القضية المركزية وهي تحرير الارض من محتليها.
ان الخطر المتجلي حاليا هو أنسنة العدوان على قطاع غزة، ويتضح هذا جليا في السماح لدولة العدو الصهيوني في مجازره هناك، بل وتمدها الدول الداعمة لها وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية بالسلاح والمال، ومن جانب اخر تريد واشنطن لعب دور الوسيط وتبدأ بالحديث عن تهدئة وإدخال مساعدات للقطاع، فلا ضير من القتل والتنكيل واستهداف البشر والحجر والشجر، ولا باس في بعض المساعدات كي لا يٌقال ان الغرب ساهم في وقوع مجاعة في القطاع.
بالمقابل اهالي القطاع يجيبون على ما يتم طرحه بانهم ليسوا الا اصحاب حق وان ماتوا قتلا او جوعا او مرضا فهم لن يبقوا على شيء اهم من الكرامة وهذه هي المسألة الاساس عندهم، وهذه الكرامة تتجلى في الدفاع عن ارضهم بل وبقائهم هناك فهم لا ينتظرون صدقات من العالم او مساندات، بقدر ما ينتظرون افعالا لوقف هذه الابادة الانسانية في القطاع.