جفرا نيوز -
عوني الداوود
يذكّرني القرار المهم الذي اتخذته الحكومة أمس الأول بالموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام مُعدّل لنظام إعفاء أرباح صادرات السلع والخدمات من ضريبة الدخل لسنة 2024، وإحالته إلى ديوان التشريع والرأي للسير في إجراءات إقراره حسب الأصول... يذكّرني ببرنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي (2021-2023)، والذي كان من أهم محاوره: «دعم القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية»، وهي، بالمناسبة، محاور تتماشى ورؤية التحديث الاقتصادي 2033، المعني بتنفيذها جميع الحكومات، ولكون «الرؤية» خارطة طريق عابرة لجميع الحكومات.
القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية -كما تم تحديدها في البرنامج- هي: السياحة، وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، والصناعة، نظرًا للدور الذي تلعبه هذه القطاعات في الاقتصاد الكلي، وتأثيرها على نسب النمو، والناتج المحلي الإجمالي، وخلق فرص العمل.
تراجع قطاع السياحة اليوم لعوامل خارجية، سببها الرئيس العدوان على غزة، والسياحة، في آخر مؤشراتها، تساهم بنحو 14.6 % من الناتج المحلي الإجمالي. أما باقي القطاعات، وهي تكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة، فهي لا تزال تلعب دورًا فاعلًا ومهمًّا في الاقتصاد الوطني -رغم التحديات- وقد زاد حجم مساهماتها في الناتج المحلي الإجمالي مؤخرًا. بل إن قطاع الزراعة صار يمثل رافعة رئيسة ويساهم بالنسبة الأعلى من معدل النمو المتحقق.
لذلك، من المهم جدًا الاستمرار في دعم القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، والتي أستطيع أن أضيف لها قطاع الطاقة والتعدين أيضًا، مع عدم التقليل من أهمية وأولوية باقي القطاعات. لكن المعيار في «الأولوية» هو نسبة المساهمة في معدل النمو وخلق فرص العمل.
من هنا تأتي أهمية ما أشرت إليه في بداية مقالي، وهو قرار مجلس الوزراء منذ يومين بالمضي قدمًا بقرار إعفاء أرباح صادرات السلع والخدمات من ضريبة الدخل حتى 31/12/2033، مما يؤكد ارتباط القرار برؤية التحديث الاقتصادي، التي تستهدف رفع معدلات النمو إلى 5.6 % وخلق مليون وظيفة دائمة حتى العام 2033. وتحقيق هذين المستهدفين يستوجب إصدار مثل هذه القرارات التي تمكّن القطاع الخاص من تعزيز تنافسيته وزيادة صادراته وتمكينه من خلق فرص وظيفية أكثر. وكل ذلك، إن تحقق، فإن فوائده ستنعكس على خزينة الدولة، كما أرباح القطاع الخاص، ومعيشة المواطنين من خلال توفير فرص عمل وخدمات أفضل.
السلع والخدمات التي سيشملها القرار بإعفاء أرباح صادراتها من الضريبة هي:
خدمات الحاسوب، ودراسة الجدوى الاقتصادية، والاستشارات القانونية والهندسية والمحاسبية والتدقيق، واستشارات الإدارة العامة، واستشارات الإدارة المالية، واستشارات إدارة الموارد البشرية، واستشارات إدارة الإنتاج، والدراسات الدوائية، وتكنولوجيا المعلومات، وخدمات مقدمة على شبكة الإنترنت لعملاء خارج المملكة، والتعاقد الخارجي (التعهيد)، والإنتاج التلفزيوني والسينمائي.
إضافة إلى:
إعفاء خدمات التحكيم الدولي الذي يجري كليًّا أو جزئيًّا في المملكة، بما يشمل أتعاب المحكمين والمحامين والخبراء. ويُشترط في ذلك أن يكون واحدًا على الأقل من عناصر العملية التحكيمية أجنبيًّا، مثل جنسية أحد طرفي التحكيم أو أحد محاميه أو أحد المحكمين أو القانون الواجب التطبيق على النزاع.
وجميع الخدمات المذكورة والمشمولة في القرار يتوفر لدينا من العاملين فيها من الطاقات الوطنية والكفاءات البشرية الشبابية المتميزة ما يجعلها قادرة على الاستفادة من هذا القرار، الذي يعني، وبكل بساطة:
1 - دعم وتحفيز واستمرار نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتحديدًا قطاع الخدمات المذكورة والمشمولة في القرار.
2 - تعزيز فرص العمل.
3 - المساهمة في تحسين ميزان الصادرات.
4 - خصوصًا ما يتعلق بالاقتصاد الرقمي وخدمات المستقبل، وهو أحد محركات رؤية التحديث الاقتصادي.
في رؤية التحديث الاقتصادي -على سبيل المثال- يُعوَّل على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن تصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي عام 2033 إلى نحو 4 %، وأن يرتفع عدد العاملين إلى 101 ألف موظف بدوام كامل، ارتفاعًا من نحو 25 ألف موظف عام 2021، وأن يصل حجم صادرات القطاع إلى نحو 4.5 مليار دينار عام 2033.
باختصار: فإننا نتطلع إلى مزيد من القرارات التي تزيد من تنافسية القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية من أجل المضي قدمًا بتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي 2033، مع ضرورة الإشارة هنا إلى أن استهداف «تحسين ميزان الصادرات» أو العمل مباشرة على زيادة الصادرات في مختلف القطاعات، وتحديدًا ذات الأولوية، يعني زيادة احتياطاتنا من العملات الأجنبية، ويعني قوة ومتانة الاقتصاد الوطني، ويعني مزيدًا من فرص التشغيل. وهذا هو التحدي الأكبر أمام الحكومات المتعاقبة، مع التذكير بأن الدراسات تؤكد أن كل مليار دولار تصدير يساهم بخلق نحو 18 ألف فرصة عمل.