جفرا نيوز -
بقلم المهندس أحمد نضال عواد.
مع وصول المديونية في الأردن لأكثر من 42 مليار دينار وفق البيانات الرسمية للعام 2024، وتدني مستويات النمو الاقتصادي، راجعاً ذلك لأسباب بطبيعة الحال تتعلق بآثار مواجهتنا جائحة كورونا، والظروف الإقليمية والسياسية بالمنطقة، و فاتورة اللاجئين التي تحملها الأردن طوال السنوات الماضية، وعدم وجود تحفيز حقيقي للمستثمر الأردني والأجنبي لزيادة الاستثمارات في القطاعات التنموية الواعدة التي يتمتع بها الأردن وغيرها من الظروف التي ساعدت بالوصول للوضع الحالي، فلا بد من الحكومة القادمة ومجلس الأمة وكافة الجهات التنموية بالقطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية تعزيز التعاون والشراكة للوصول إلى حلول خلاقة تساهم في رفع نسبة النمو الاقتصادي و زيادة الناتج المحلي الإجمالي لمستويات من شأنها الإسهام بتخفيض المديونية من جهة وزيادة إيرادات الدولة الأردنية من جهة أخرى بعيداً عن فرض ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطن، وتساهم بتحسين جودة حياة الناس ومستوى معيشتهم.
لو فرضنا أن الحكومة الموقرة اجتهدت في إنشاء مدينة استثمارية جديدة بالأردنّ، وصاغت لها قانون خاص بها، سمتها أنها ذكية وصديقة للبيئة، وتمنح المستثمرين الأردنيين والأجانب فرصة لتحقيق نجاح غير مسبوق بالمنطقة، فمثلاً أراضي الدولة كثيرة وموجودة ولله الحمد، فماذا لو تم إعداد مسودة مقترح لمشروع وطني ضخم بهذا الحجم ومناقشة الجهات المانحة فيه لتكون شريكة بتنفيذه بدلاً من كونها جهات مانحة أو إقراضية فقط وفقاً لمفهوم الاستثمار الإجتماعي على سبيل المثال، وتم تأهيل هذه المدينة الجديدة بالبنية التحتية المناسبة لها وفق المواصفات العالمية الكفيلة بجذب المستثمرين إليها من مياه وكهرباء ناتجة بالطاقة المتجددة ونحن من أعلى مناطق العالم التي أنعم اللّه عليها بالاشعاع الشمسي، إضافة لبنية اتصالات حديثة، وشوارع وحدائق وغيرها من الاحتياجات اللازمة لبدء المستثمرين إنشاء مشاريعهم ومصانعهم الإنتاجية، وأن تكون هذه المدينة عالمية بمعنى الكلمة ولنا في تجربة إمارة دبي قصة نجاح يمكن الأخذ بها مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية النكهة الأردنية المتميزة بها، وحبذا لو ابتعدنا بهذه المدينة عن مراكز المدن الرئيسية عمان والزرقاء واربد أو بجانبها أو انتقلنا بها لمحافظات الجنوب لتساهم أيضا بإيصال تنمية كبيرة لها.
أعتقد جازماً لو أن الحكومة قامت بهذا المشروع التنموي المستدام، ومنحت المستثمرين في هذه المدينة إعفاءات ضريبية و جمركية وقامت بتأجير قطع الأراضي لمائة عام على سبيل المثال بمبالغ رمزية أو حتى مجانية، عندها سنجد الأردنيين المغتربين بالخارج أصحاب رؤوس الأموال في مقدمة القادمين لبدء مشاريعهم والإسهام في تنمية وطنهم، إضافة إلى المستثمرين المهتمين بالعمل في سوق المملكة والأسواق المجاورة وحتى السوق العالمي في الكثير من القطاعات التنموية، عندها سنكون استطعنا توليد فرص عمل جديدة للشباب والشابات الأردنيين الباحثين عن عمل والذين يتمتعون بخبرات ومهارات نباهي وننافس بها دول العالم، فنحن لا ينبغي علينا التفكير بالحصول على الإيرادات من المستثمر بقدر أهمية تشجيعه على الاستثمار بما ينعكس على زيادة النمو الاقتصادي حينها خاصة بقطاعات تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، السياحة، الزراعة، العقارات، والصناعات التحويلية وقطاع الطاقة، إضافة لتنشيط وتعزيز مشاريع ريادة الأعمال وغيرها.
سنكون بهذه اللحظة قادرين على توفير الآلاف من فرص العمل لأبناء وبنات وطننا الغالي، الذين سيقومون بدورهم بزيادة حركة السوق في جميع محافظات المملكة بما ينعكس إيجابا على كافة القطاعات سواء الانشاءات والعقارات والمواصلات وتنشيط الحركة التجارية مما يساهم بتعزيز إيرادات الدولة الأردنية بعيداً عن جيب المواطن وبما يساهم بتوفير العيش الكريم.
إن المستقبل اليوم مفتوح لمن لديه مهارات المستقبل المطلوبة لدى أسواق العمل المحلية والدولية، ونحن في الأردن نتمتع بشباب متعلم ومثقف قادر على المنافسة في الأسواق العالمية وتحقيق قصص نجاح وطنية وعالمية تساهم في رفد الاقتصاد الوطني.
الحكومة القادمة أمامها العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والتي أسأل اللّه عز وجل لها العون والسداد في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، لكننا في منطقة تستحق منا الكثير، والنجمة السباعية في علم بلادي تستحق الأفضل دائماً، واللّه من وراء القصد، وواثق بأن الحكماء وعقل الدولة العميقة في بلادي يتطلع لتحقيق تنمية شمولية حقيقية يلمس أثرها المواطنين وحتى اللاجئين بالمملكة، والأردن يستحق الأفضل وقادر على مواجهة كل التحديات بإذن اللّه تعالى.
في ذكرى المولد النبوي الشريف للرسول محمد صلى اللّه عليه وسلم الصادق الأمين علينا البحث عن نفع الناس فخير الناس أنفعهم للناس.