جفرا نيوز -
د. عبدالكريم محسن ابو دلو
يتأصل قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 4 لسنة 2022، على بناء نوعين من الدوائر الانتخابية؛ هما الدوائر المحلية والدائرة العامة التي تشمل جميع مناطق المملكة.
ومن المثير أن القانون اعتمد في انتخاب كل نوع من هذه الدوائر نظاما انتخابيا مختلفا، فتبنى نظام القائمة النسبية المغلقة في الدائرة العامة، ونظام القائمة النسبية المفتوحة في الدوائر الانتخابية المحلية. وكما تجري عمليات الترشح والاقتراع والفرز واحتساب النتائج في كل منهما من خلال مسار انتخابي مستقل.
يعتبر هذا النظام الانتخابي المختلط، من عوامل قوة قانون الانتخاب، إذ يتيح للناخب أن ينوّع بطريقة اختيار مرشحيه. ورغم أن لكل من هذين النظامين مزايا وعيوبا، فإنه يعبر عن هجرة المشرع الأردني فكرة التصويت الفردي والصوت الواحد.
قد تشير هذه المقدمة إلى استقلال الانتخاب في الدوائر المحلية عن الانتخاب في الدائرة العامة، ولكن في مرحلة معقدة، تظهر هنالك علاقة تأثيرية بين الانتخاب في هذين النوعين من الدوائر، عندما يقع خلل في أي منهما، يؤثر بنتائجه على الانتخاب في النوع الآخر من الدوائر. ويمكن تمييز ذلك إلى حالتين:
الحالة الأولى: إذا تبين قبل اعلان النتائج وقوع خلل في عملية الاقتراع والفرز في أحد المراكز من شأنه التأثير بأي من النتائج الأولية للانتخابات في الدائرة المحلية. فلمجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، بحسب مقتضى الحال، الغاء النتائج الأولية في ذلك المركز، وإعادة عمليتي الاقتراع والفرز، بالوقت الذي يعينه والكيفية التي يراها مناسبة. ينتج عن ذلك في هذه الحالة، تأجيل اعلان النتائج الأولية للدائرة الانتخابية العامة، وفق ما تجيزه المادة 52/ب من القانون.
يؤدي ذلك إلى أن تشكيلة مجلس النواب وبدء عمره الدستوري وممارسته صلاحياته، ستتوقف إلى حين إجراء الاقتراع والفرز واعلان النتائج في الدائرة المحلية.
الحالة الثانية: الطعن في صحة نيابة أحد أعضاء مجلس النواب، وفقا لأحكام المادة 71 من الدستور. إذ تختص محكمة التمييز بحق الفصل في صحة نيابة أعضاء مجلس النواب.
وقد كرست الفقرة (5) من هذه المادة حكما مهما، مضمونه أنه إذا تبين للمحكمة نتيجة نظرها بالطعن المقدم لديها، أن اجراءات الانتخاب بالدائرة التي تعلق الطعن بها لا تتفق وأحكام القانون، تصدر قرارها ببطلان الانتخاب في تلك الدائرة.
الخطورة المبنية على هذا الحكم، الاحتمالية الكبيرة لامتداد أثر بطلان الانتخاب في الدائرة المحلية، إلى نتائج انتخاب الدائرة العامة. بمعنى، أنه ينبني على هذا الحكم اعلان بطلان نتائج الدائرة المحلية، واعادة الانتخاب فيها، مما سيؤدي ضمنا، إلى إعادة اعلان نتائج الانتخاب للدائرة العامة، وفقا لنتائج انتخاب الدائرة المحلية.
تحقق هذه الحالة، سيؤثر على عمل مجلس النواب الدستوري واستقرار تشكيلته، مرتبطا ذلك بالمدة الدستورية المحددة لتقديم الطعن لدى محكمة التمييز، وهي خلال خمسة عشر يوما من تاريخ نشر نتائج الانتخابات فـي الجريدة الرسمية، وفصل المحكمة في الطعن خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الطعن لديها، ومتطلبات إعادة الانتخاب في تلك الدائرة المحلية والفترة الزمنية اللازمة لذلك. مما يعني عدم الاستقرار الدستوري لمجلس النواب طيلة تلك الفترة.
بالمحصلــة، إن وقوع خلل باجراءات الاقتراع والفرز بإحدى الدوائر المحلية أو الحكم بعدم صحة نيابة أحد اعضاء مجلس النواب في دائرة محلية، من شأنه التأثير على نتائج الدائرة الانتخابية العامة، التي يمثلها واحد وأربعون نائبا. وقد كان حـري بالمشرع، أن يعالج هذه الارتباطات بين نتائج الدوائر المحلية مع نتائج الدائرة العامة، بشكل أكثر حصافة: يحدّ من مدى تأثير بطلان الانتخاب في الدائرة المحلية على نتائج الانتخاب في الدائرة العامة.