جفرا نيوز -
حمادة فراعنة
يتذاكى نتنياهو متوهماً أن أكاذيبه يمكن أن تمر على الفلسطينيين والإسرائيليين، قبل أن تمر على المجتمع الدولي، وبشكل خاص على أسياده الأميركيين والبريطانيين.
يكذب حول اقترابه من النصر المطلق، وأن احتلاله لكامل قطاع غزة، يعني إنهاء المقاومة وتصفيتها، وهو يكذب على خلاف تقييم الجيش والمخابرات، أن معركة احتلال قطاع غزة ورطة، لن يخرجوا منها منتصرين، وأن خسائر الإسرائيليين متواصلة من الجنود والضباط، مترافقة مع الخسائر المادية والاقتصادية، إضافة إلى انحدار المعنويات، وخسارة الإحساس بالتفوق طوال عشرات السنين، لتنحدر معنوياتهم إلى ما هو دون الإحساس بالاستقرار بالأمن.
قادة الجيش والمخابرات يخوضون المعارك ضد الفلسطينيين وهم الأدرى بالوقائع وقراءة النتائج، نتائج استمرار الحرب، نتائج استمرار الاحتلال، نتائج التوسع والاستيطان وبلع فلسطين.
على أرض فلسطين شعب، ليسوا جالية صغيرة متواضعة، أو أقلية غلبانه تتوسل لقمة العيش، أو أنهم يقبلون أي حل يُقدم لهم، من حكم ذاتي، أو سلطة مفروضة، أو إدارة ناقصة السيادة، لو كان كذلك، لتم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ الخمسينات، حينما تقسمت فلسطين، وتبعثر شعبها، وتبددت هويته.
لقد عمل الفلسطينيون على ثلاث جبهات بعد النكبة: أولاً الحصول على لقمة العيش بكرامة، ثانياً الحصول على أعلى مواقع ومناهج الدراسة والتعليم، وثالثاً بناء حركة سياسية فلسطينية مستقلة عن الأحزاب العربية والأممية وعن الأنظمة، ونجحوا في معركتهم الوطنية على الجبهات الثلاثة، ووصلوا إلى كسر إرادة قادة المستعمرة: إسحق رابين الذي رضخ لنضال ومطالب وتطلعات الانتفاضة الأولى عام 1987، ووقع مع «الإرهابي» ياسر عرفات على اتفاق أوسلو، وأقر الاعتراف بالشعب الفلسطيني، وبمنظمة التحرير، وبالحقوق السياسية الفلسطينية، وقبل بالانسحابات التدريجية من المدن الفلسطينية.
وثانياً شارون الذي أُرغم على الرحيل من كامل قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال، على أثر نتائج الانتفاضة الثانية عام 2000.
معركة 7 أكتوبر ما زالت متواصلة، لم تنته بعد، ولم تُسلم بنتائجها المفتوحة على كافة الاحتمالات، ونتائجها مرتبطة بنهاياتها غير الواضحة بحسم إلى الآن، ونتائجها لها تداعيات مستجدة، كما كان لنتائج الانتفاضة الأولى، ونتائج الانتفاضة الثانية.
غير مستبعد، غير مستبعد مطلقاً التوصل إلى اتفاق إسرائيلي مع حركة حماس «الإرهابية» المرفوضة، كما سبق ووقعوا مع ياسر عرفات «الإرهابي»، فالمفاوضات الجارية هي مع حركة حماس، وليس مع ظلها، وليس مع غيرها، لأنها صاحبة قرار، صاحبة سُلطة على الأرض، لأنها هي التي تُقاتل مع الآخرين، ولكنها التنظيم الأهم والأقوى الذي يقاتل قوات المستعمرة في قطاع غزة، ولا زالت.
ما يُسمى اليوم الثاني بعد الحرب، تصنعه نتائج الحرب، وتفرضه إرادة المقاتلين الذين يخوضون الحرب، وليس رغبات نتنياهو الشخصية، لهذا اليوم الثاني لم يتقرر لأن الحرب ما زالت أدواتها وتفجيراتها مفتوحة، وهذا ما يحاول أن يصنعه نتنياهو في تحقيق «الانتصار المطلق» فهل تتوفر لديه فرص الانتصار؟؟ وماذا بشأن المقاومة هل تصمت؟؟ هل أخفقت؟؟ هل هُزمت؟؟.
الصمود الفلسطيني ما زال بائناً وضربات المقاومة ما زالت موجعة، وعليه لم تنته الحرب، ولم تتضح نتائجها النهائية بعد، ولهذا من الوهم الحديث عن اليوم الثاني بدون أن تنتهي الحرب وتظهر نتائجها.