جفرا نيوز -
د. محمد أبو بكر
في العام 1997 جرى إنشاء الحزب الوطني الدستوري من خلال اندماج تسعة أحزاب وسطية ، حينها كان كل المراقبين والمتابعين يرون بأنّ الحزب الجديد سوف يكتسح الساحة الحزبية ، لا بل ورأوا فيه المنافس القوي لجماعة الإخوان المسلمين ، وكل المؤشرات كانت تشي بحصول الحزب على عدد كبير من مقاعد المجلس النيابي في الانتخابات التي جرت بعد تأسيس الحزب .
قائمة الحزب الوطني الدستوري في ذلك الوقت ضمّت العديد من الشخصيات وفي مختلف دوائر المملكة ، وكان من بين المترشحين المرحوم عبد الهادي المجالي ورئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة ، وكانت المفاجأة في اخفاق كبير لقائمة الحزب الانتخابية التي لم ينجح منها سوى المجالي والروابدة .
ومنذ ذلك الوقت بدأت شمس الحزب بالأفول ، إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم ، وهذا مدعاة لأن يشكّل ذلك عبرة لمختلف الأحزاب السياسية التي تعتزم خوض الانتخابات والتنافس عبر القائمة الوطنية التي تبلغ 41 مقعدا .
مسؤول في أحد الأحزاب المتفائلة كثيرا بحصولها على عدد لا يقل عن عشرين مقعدا ، سواء من خلال القائمة الوطنية أو الدوائر المحلية يشير بأنّ حزبه قادر على تحقيق ذلك وربما أكثر من الرقم السابق ، هذا التفاؤل يعود لاستقطاب الحزب للعديد من الشخصيات التي تمتلك قواعد شعبية مؤثّرة ، غير أن ذلك لا يكفي أبدا بسبب افتقار جميع الأحزاب للتيارات الجماهيرية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي جبهة العمل الإسلامي .
التفاؤل يسود العديد من الأحزاب لاقتناص مقاعد برلمانية في المجلس العشرين ، وهي تعتقد بأنّ استقطاب شخصيات وازنة سيمكّن الحزب من الحصول على العديد من المقاعد ، ولكن ماذا لو جرى مع بعض هذه الأحزاب ما حدث للحزب الوطني الدستوري قبل أكثر من ربع قرن ؟
المواطن الأردني بطبعه يرغب دائما بالتغيير ، وهو لا يحبّذ الوجوه القديمة حتى لو كانت من أصحاب المراكز العليا في البلاد ، وهو أيضا يمتلك وعيا متقدّما ، ويدرك بأن العديد من الشخصيات التي تمّت تجربتها في أوقات سابقة ترغب بالعودة من الباب الحزبي ، فهي مصرّة على احتلال المواقع الأولى ، وهذه قد تؤدّي إلى نتائج عكسية لا تحسب الأحزاب الجديدة لها أيّ حسابات اليوم .
جميل أن تشعر الأحزاب بالتفاؤل وخوض التنافس على أمل تقاسم الكعكة الحزبية ، ولكن إذا ما جرت الأمور كما تشتهي وترغب هذه الأحزاب ، فإننا سنكون إزاء معضلة كبيرة ، ليس أقلها عدم دراية القائمين على الأحزاب بواقع الحال الأردني ، والجهل بأبجديات العمل الحزبي ، وكيفية التأثير وصناعة القاعدة الشعبية المؤازرة .