جفرا نيوز -
حمادة فراعنة
صمد الفلسطينيون، رغم الهجمات العدوانية المنفلتة، ولكنهم لم ينتصروا بعد، وفشلت المستعمرة، وأخفقت في تحقيق أهداف هجومها على قطاع غزة سواء بالقصف أو بالاجتياح، ولكنها لم تُهزم بعد.
الانتصار للفلسطينيين، والهزيمة للإسرائيليين، كلاهما مرتبط بنتائج الاجتياح لمنطقة رفح، ونتائج مفاوضات التهدئة، وهذا ما يُفسر تصلب نتنياهو لأنه لا مصلحة له في وقف إطلاق النار، ولا مصلحة له في تبادل الأسرى، ولهذا يضع العراقيل أمام كل خطة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لأنها تعني إخفاقه وفشله وصولاً نحو الإقرار بهزيمته، ومحاكمته.
وهذا ما يُفسر منطق التساهل وعدم التصلب لدى حركة حماس ورغبتها ومصلحتها في وقف إطلاق النار:
أولاً حماية لقياداتها وكوادرها.
ثانياً حماية لأهل غزة الذين دفعوا أثماناً باهظة غير مسبوقة بحجم التضحيات، والأفعال الإجرامية التي قارفتها قوات الاحتلال ضد أكثر من مئة ألف شهيد وجريح ومفقود، وتدمير أكثر من 70 بالمئة من مساكن وبنايات والبنى التحتية لقطاع غزة، وكما أوردت الأمم المتحدة في تقديراتها:
1- إعادة إعمار غزة سيستغرق عقوداً، بكلفة تزيد على أربعين مليار دولار.
2- التعافي المبكر للقطاع سيستغرق من 3 إلى 5 سنوات، ويحتاج من 2 إلى 3 مليار دولار.
3- مؤشر التنمية البشرية في غزة تراجع 40 عاماً ما يعني أن القطاع عاد إلى سنوات الثمانينيات تقريباً.
4- تنظيف غزة يحتاج لإزالة 37 مليون طن من النفايات الصلبة، ومن تدمير 72 بالمئة من المنازل والبنايات المدنية.
وثالثاً: مصلحة حركة حماس في تحقيق إنجاز عملي ملموس يتمثل باطلاق وجبة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين، وإذا دققنا بتصريحات خليل الحية عضو المكتب السياسي ونائب رئيس الحركة في قطاع غزة بقوله عن: «استعداد الحركة للانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية، والقبول بدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وقطاع غزة، على حدود «إسرائيل» المستعمرة، ما قبل عام 1967، وعودة اللاجئين وفقاً للقرارات الدولية، واستعدادها مقابل ذلك لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي» ، يدلل على مدى الرغبة والمصلحة وسعة الأفق لدى الحركة في مرونتها السياسية، وصولاً إلى وقف إطلاق النار، وربط ذلك بالتسوية السياسية مع المستعمرة، وهي رسالة مهمة موجهة لكافة الأطراف العربية والدولية والإسرائيلية، وليس كما ذهب البعض من خصوم حماس الذين لا يرون أبعد من أنوفهم أن هذا التصريح بمثابة تراجع وهزيمة لحركة حماس، بل هو هجوم سياسي مرافق لنتائج ما فعلته الحركة من مبادرة كفاحية غير مسبوقة يوم 7 تشرين أول أكتوبر عام 2023.
ليست معركة 7 أكتوبر وتداعياتها أول المعارك الفلسطينية ضد الاحتلال، بل سبقتها محطات لا تقل عنها أهمية:
1- ولادة منظمة التحرير وإنطلاق الثورة الفلسطينية قبل عام 1967، 2- الانتفاضة الأولى ونتائجها غير المسبوقة بالاعتراف الإسرائيلي الأميركي بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير والحقوق السياسية للفلسطينيين، وعلى أرضية ذلك جرى الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من المدن الفلسطينية، ونقل العنوان والنضال الفلسطيني من المنفى إلى الوطن عام 1993، 3- الانتفاضة الثانية التي أرغمت قوات الاحتلال الرحيل عن قطاع غزة بعد إزالة المستوطنات وفكفكة قواعد جيش الاحتلال عام 2005، 4- وها هي المحطة الرابعة جراء عملية 7 أكتوبر وتداعياتها وأبرز ملامحها الجوهرية ظاهرة الانتفاضة لدى الجامعات الأميركية والأوروبية التي سيكون لها شأن ونتائج استراتيجية لصالح الشعب الفلسطيني.
إذن معركة 7 أكتوبر ليست أول محطة الكفاح الفلسطيني، وليست ولن تكون آخر محطاته، ولكنها إضافة نوعية ومحطة مميزة على الطريق، وهي تأكيد على أن المستعمرة الإسرائيلية فشلت استراتيجياً بطرد وتشريد كامل الشعب الفلسطيني خارج وطنه، وأن وجود ما يزيد على سبعة مليون عربي فلسطيني، لن يسمح إقامة دولة يهودية على كامل تراب فلسطين، وها هو الفشل الإسرائيلي يمتد لتفقد المستعمرة مكانتها وتضليلها أمام الشعوب الأميركية والأوروبية، وهذا تحول وفشل استراتيجي آخر لكامل مشروع المستعمرة.