جفرا نيوز -
عوني الداوود
في مواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب على غزّة.. هل كان بالامكان أفضل مما كان؟ من حيث الاجراءات الحكومية لدعم الاقتصاد وزيادة منعته وحماية القطاعات الاقتصادية وتنشيط الحركة الشرائية وغيرها من الأمور؟.. هذا سؤال نطرحه بعد مرور نحو 6 أشهر على الحرب على غزة.. وللاجابة عليه لا بد من الاشارة الى النقاط التالية:
1-هناك قطاعات اقتصادية كانت -ولا زالت هي الأكثر تأثرا، وفي مقدمتها قطاعات: السياحة - والنقل بمختلف أنواعه خصوصا النقل البحري والجوي-قطاع العمل وتحديدا المطاعم والمقاهي الكبرى التي أدرجت بقوائم المقاطعة الاقتصادية، فانعكس ذلك سلبا على العمالة بين اجازات مفتوحة بدون راتب، أو انهاء خدمات.
2-مواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب على غزّة اتخذت أشكالا عدّة وتمت عبر مراحل نذكرها على النحو التالي:
أ)-التحوط والخبرة المسبقة: الأردن لديه تجارب في مواجهة الازمات ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا ثم مواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الاوكرانية، ومن أبرز أدوات المواجهة: التحوّط الغذائي (خصوصا في المواد الاساسية من قمح وشعير يكفي لنحو 10 أشهر)- والتحوط الدوائي (لنحو 3 أشهر)- والتحوط في الطاقة ومشتقاتها (من 2 إلى 3 أشهر).
ب)-المؤشرات الاقتصادية الجيدة: قبل 7 اكتوبر كانت معظم المؤشرات الاقتصادية في صعود خصوصا في إيرادات السياحة والصادرات ومعظمها وصفت آنذاك بأنها مؤشرات تاريخية، إضافة الى احتياطيات البنك المركزي التي بلغت وقتذاك أرقاما قياسيا وهي اليوم نحو ( 18مليار دولار)، اضافة الى موجودات وودائع البنوك التي بلغت أيضا أرقاما تاريخية، كما يعدّ الاردن من الدول الأقل عالميا بنسبة التضخم، اضافة لتجاوز الاقتصاد الأردني المراجعة السابعة بنجاح مع صندوق النقد الدولي، والتوصل الى اتفاق جديد للسنوات الاربع المقبلة، وكذلك تثبيت التصنيف الائتماني للاردن من قبل أهم وكالات التصنيف الائتماني العالمية مع نظرة مستقبلية «مستقرة»..الخ من المؤشرات الاقتصادية التي ساعدت وساهمت في منعة وقوة الاقتصاد الاردني.
ج)-الحكومة اتخذت العديد من القرارات التحوطية لكبح جماح الاسعار وتحديدا خلال شهر رمضان الذي يتضاعف فيه الاستهلاك وذلك من خلال: دعم المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية، ووضع سقوف لأسعار الحاويات لغايات تخمين واحتساب الرسوم الجمركية وفق ما كانت عليه قبل 7 اكتوبر 2023، والسماح للقطاع الخاص بالتخزين لدى شركة الصوامع بأسعار الكلف وتقل 40% عن مستودعات السوق، وغيرها من الاجراءات التي ساهمت بضبط الاسعار وتوفير السلع خلال الشهر الفضيل.
د)-اجراءات عديدة اتخذها البنك المركزي من أجل الحفاظ على الاستقرارالنقدي ودعم القطاعات الاقتصادية بالتعاون مع البنوك في الأردن.
ه)-موازنة 2024: راعت الظروف التي يمر بها الاقليم، فتمّ تخصيص نحو 100 مليون دينار كمخصصات «نفقات طارئة «.
3-الحال بعد 6 أشهر: لا زالت هناك العديد من القطاعات متأثرة سلبا بما يجري وفي مقدمتها السياحة والصناعة والتجارة، وتراجعت الصادرات الصناعية تحديدا، كما تراجعت الحركة الشرائية بنسب وصلت الى نحو 40%.
4-هل من حلول لتنشيط حركة القطاعات والاسواق؟:
-نعم.. وهذا يحتاج لكثير من التفصيل، لكن نلخّصه بالتأكيد على ضرورة متابعة كل قطاع اقتصادي على حدة -وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص-لايجاد الحلول الخاصة بكل قطاع.. كتشجيع السياحة الداخلية ودعم السياحة العلاجية لانقاذ القطاع السياحي، والعمل على فتح أسواق جديدة لاعادة تنشيط الصادرات الاردنية..و تسريع تنفيذ مشروع ايصال الغاز للمدن الصناعية توفيرا لفاتورة الطاقة وزيادة قدرة القطاع الصناعي على المنافسة والتصدير الى الخارج..وهكذا.
5-كثيرون كانوا يأملون من البنوك في الاردن تأجيل أقساط القروض سواء للمواطنين وحتى للشركات، وهذا لو حصل بالتأكيد سيوفر سيولة لدى المواطنين ستنعكس ايجابا على الاسواق خصوصا ونحن على مشارف عيد الفطر.
6-من أهم ايجابيات المكرمة الملكية السامية «العفو العام»، توفير سيولة في يد كثير ممن سيشملهم «العفو العام» سواء نتيجة لالغاء مخالفات السير أو غرامات أخرى، ومن المفترض أن يكون لهذه السيولة أثر ايجابي على حركة الاسواق مع نهاية رمضان وقرب العيد.
* خلاصة القول: حتى الآن الأمور تحت السيطرة والاقتصاد الاردني لديه من القوة والمنعة والتحوط الكثير بمواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب على غزة، والاجراءات التي اتخذتها الحكومة تؤتي أكلها، فلم يشهد السوق ارتفاعات غير مبرّرة لأي سلعة أو صنف، لكن يبقى تخوف الاقليم والعالم في حال: (طال أمد الحرب -وتوسعت رقعة الحرب) لا قدّر الله وعندها سيحتاج الأردن كما الإقليم والعالم إلى إجراءات مختلفة تمامًا.