النسخة الكاملة

مستشفى الشفاء هدف عسكري للاحتلال بحُجة "المقاومة" .. كيف فند الغزيون روايتهم؟

الإثنين-2023-11-13 02:42 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تواصل الاشتباكات العنيفة في المحاور الغربية الشمالية والجنوبية لغزة، حيث يكبّد المقاومون قوات جيش الاحتلال خسائر فادحة، بينما تحاول دباباته ومدرعاته فصل المنطقة الساحلية الغربية ومخيم الشاطئ عن بقية قطاع غزة، سعياً إلى تطويق الكتلة العمرانية الأهم في الشمال.

وبحسب المعلومات، يسعى الاحتلال إلى أن تتصل قواته المهاجمة من الجهة الجنوبية بقواته المتقدمة من المحور الشمالي، ولكنه لم يتمّ بعد سيطرته على الجهة الغربية لشمالي القطاع، واكتفى بتحقيق اختراقات طُولية في شارع الرشيد من الجهة الجنوبية، وصولاً إلى شارع أحمد عرابي، والتفّ حول مخيم الشاطئ متجنباً التوغل عميقاً في إحدى أصعب الكتل العمرانية في القطاع، باتجاه منطقة برج الأندلس عند شارع النصر.

وفي المحور الغربي الشمالي، وصلت قوات الاحتلال إلى مربع مستشفى الحياة التخصصي للقلب، الذي يبعد نحو 700 متر عن مستشفى الشفاء، محاولة التوغل داخل منطقة المكاتب الحكومية.

لكنّ الاحتلال يتحرك تحت وابل من قذائف المقاومة وتصدي مقاوميها من مسافة صفر، والذين يقفون في وجه الهجوم، على الرغم من القصف الجوي العنيف التي تتعرض له في كل مبنىً تصدر منه نيران في اتجاه القوات الغازية، الأمر الذي أدى إلى عرقلة محاولات التقدم السريع لتطويق الجهة الغربية من المدينة وعزل مخيم الشاطئ ومستشفى الشفاء.

 كيف أصبحت السيطرة على مستشفى الشفاء هدفاً عسكرياً؟

زعم الاحتلال، منذ بداية عدوانه العسكري البري، والذي بدأه بإعلانه نية الهجوم على كامل قطاع غزة، ثم انتقل إلى إعلان بدء توغل قواته في المنطقة الشمالية للقطاع، أنّ المستشفى هو مقرّ قيادة للمقاومة، من غير أن يقدم أي دلائل واقعية على هذا الأمر.

وسعى الاحتلال مؤخراً، عبر نشر صور فتحة في الأرض قريبة من المستشفى، إلى ترويج هذه الكذبة، إلا أنّ شهادات المواطنين وصورهم، بالقرب من المكان، الذي تظهر فيه البوابة الحديدية بصورة علنية وواضحة منذ أعوام مضت، أظهرت أن هذا المكان علني وليس سرياً، ليَظهر لاحقاً أنها فتحة تهوئة لخزانات المياه أو الوقود تحت المستشفى، وليفشل الاحتلال في إقناع أي من الجهات الدولية بجدية ادعاءاته.

لكن استهداف المستشفيات ليس صدفة أو هدفاً ثانوياً لدى الاحتلال، فهو قرر أن يخوض معركة إرادات ضد المقاومة، ووضع هدفه كسر إرادة أهل غزة ومقاومتها، بعد الضربة القوية والهزيمة التي تلقاها، عسكرياً وأمنياً واستخبارياً، في 7 تشرين الأول/أكتوبر. والمستشفيات تُعَدّ ركناً أساسياً من أركان صمود المجتمع الفلسطيني بصورة عامة، وفي غزة وشماليها اليوم، على نحو خاص.

ويريد الاحتلال، بقضائه على المسشتفيات وتدمير دورها، أن يمارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية، والتي تنتهك كل قواعد السلم والحرب، عبر منع الفلسطينيين من تلقي العلاج من جراء العداون الذي يستمر في ممارسته ضد المدنيين في القطاع، منذ أكثر من 37 يوماً، والذي أدّى، حتى الساعة، إلى استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، وجرح نحو 30 ألفاً آخرين، كان من الممكن أن يُستشهدوا بدورهم لولا قدرة المسشتفيات على تقديم العلاج.

وبالتالي، يمكن القول إنّ الاحتلال قرر، في مقابل ما يتكبده من خسائر عسكرية فادحة من جراء تصدي المقاومة، أن يرفع تكلفة المقاومة على المدنيين الفلسطينيين، إذ إنّ قيامه بقصف المستشفى، على نحو متفرق وجزئي، ثمّ محاولته السيطرة عليه، هما السبيل الوحيد إلى تعطيل دوره الحيوي، بسبب عدم استعداده لتحمل عواقب قصفه مباشرة، مع ما يضمّع من آلاف المدنيين والطواقم الطبية والصحافيين.

انسداد الأفق أمام الإسرائيلي بتحقيق انتصار عسكري

يشكك خبراء إسرائيليون وأميركيون بأنّه من الصعب جداً أن يخرج الاحتلال من معركة غزة في صورة المنتصر، لأنّ الهدفين الأساسيين الذين حددتهما قيادته بعيدين عن التحقق، وأولهما القضاء على حماس وكتائب القسام والمقاومة بصورة عامة، في شمالي القطاع، على الأقل، عبر تدمير قدراتها البشرية والعسكرية وشبكة الأنفاق، والثاني هو حلّ أزمة الأسرى، عبر استعادتهم، أو استعادة جثثهم، إذا قتلوا.

وفي كِلا الهدفين، تبرز مشاكل كبرى تعوّق إمكان تحققهما. فالقضاء على حماس، حتى لو اختزله الإسرائيلي، تحت وطأة الخسائر الميدانية والمقاومة الشرسة، في القضاء على قدراتها العسكرية في الشمال، يعيقه الواقع الميدني الذي كبده حتى الآن مئات الآليات والدبابات والمدرعات والقتلى والجرحى في صفوف جنوده.

كما أنّ إعادة الأسرى أو جثثهم عملية معقّدة وصعبة، فالأسرى قد لا يكونون موجودين فقط في الشمال. يضاف إلى ذلك احتمال كبير، مفاده أن من الصعب جداً على الإسرائيلي أن يجدهم أو يجد الجثث في حال تمّ دفنها في مدافن، أو تمت تخبئة الأسرى في أنفاق تحت الأرض لا يعرفها إلّا أصحابها.

وهذا ما يشير إليه عدد من المحللين الإسرائيليين، عبر القول إن هذه العملية "مجهولة الأفق"، وإنّ السبيل إلى إعلان نجاحها غير واضح.

الميادين 

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير