جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - الدكتور خالد الكلالدة
في اليوم الأول من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيراً استفزازياً لنحو 2.3 مليون مدني في القطاع الساحلي المحاصر: «ارحلوا الآن»، وهو يعلم أن الناس محاصرون ويمكن أن يضطروا إلى مغادرة القطاع.
ومع ذلك، مع مرور الوقت وتسريب الوثائق، يبدو أن هناك دفعة حقيقية من داخل النظام الإسرائيلي لتطهير سكان غزة عرقيًا في صحراء سيناء في مصر.
ونشر مركز الأبحاث الإسرائيلي «معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية» ورقة موقف في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، والتي أوجزوا فيها خطتهم المقترحة للتطهير العرقي، معلنين أن «هناك في الوقت الحالي فرصة فريدة ونادرة لإخلاء المنطقة». قطاع غزة بأكمله بالتنسيق مع الحكومة المصرية».
وأعقب ذلك، بعد فترة وجيزة، تقرير صدر على منفذ الأخبار الإسرائيلي، كالكاليست، والذي أوجز وثيقة تقترح نفس الاستراتيجية.
لكن في هذه الحالة، حملت الوثيقة الرمز الرسمي لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، برئاسة جيلا غملائيل.
كلتا الخطتين، اللتين تؤيدان نفس المؤامرة لتطهير غزة عرقيًا من سكانها المدنيين الفلسطينيين، تسعى بشكل صارخ إلى الاستفادة من الوضع الراهن من أجل إيجاد «حل» لـ «مشكلة غزة» الإسرائيلية.
والفكرة هي تقديم حافز اقتصادي لمصر - حتى لو كان ذلك سيتراوح بين 20 إلى 30 مليار دولار وفقاً لبحث مركز الأبحاث – من أجل جعلها تذعن لقبول النازحين.
وهناك أيضاً عنصر ملائم، أبرزته خطة وزارة المخابرات الإسرائيلية، والذي يتحدث عن إقامة منطقة أمنية/ عازلة داخل الأراضي المصرية، «بعرض عدة كيلومترات»؛ ويقترح فعلياً احتلالاً فعلياً للأراضي المصرية لغرض وحيد هو منع سكان غزة من العودة إلى ديارهم.
منذ اليوم الأول للحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على شعب غزة، أصبحت الخطة واضحة من خلال تصرفات النظام في تل أبيب.
وقد صرحت القيادة الإسرائيلية بأنها تسعى إلى تدمير حماس، في حين أعلنت عن خططها ونفذتها على نحو يكاد يقتصر على استهداف السكان المدنيين الفلسطينيين داخل غزة.
وفي 9 تشرين الأول/ أكتوبر، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بفرض حصار كامل على قطاع غزة. وقال: «لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شيء مغلق»، مضيفاً: «نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقاً لذلك».
منذ سنوات، كان هناك حديث داخل دوائر السلطة الإسرائيلية، عن إجبار سكان غزة على الدخول إلى سيناء المصرية كحل، ويعود هذا الاقتراح إلى استراتيجية مماثلة، التي اقترحتها الأمم المتحدة في الخمسينيات، عندما كانت غزة تحت حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
وقد قوبل اقتراح الأمم المتحدة بمعارضة شديدة وانهارت الفكرة برمتها بعد احتجاجات قوية ضدها. ومع ذلك، بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، التي أصبحت في حيرة من أمرها فيما يتعلق بما يجب أن تفعله بقطاع غزة، تبدو هذه الفكرة أكثر إغراءً من أي وقت مضى.
وإذا قرأنا ما بين السطور، فمن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية، منذ اليوم الأول، سعت إلى منع الإمدادات الطبية والغذاء والمياه والوقود والكهرباء وغيرها من مواد المساعدات الإنسانية الرئيسية من دخول غزة.
كما قامت بتسوية بعض أغنى المناطق والوجهات الأكثر شعبية داخل قطاع غزة بالأرض، في محاولة لتدمير البنية التحتية المدنية في القطاع بشكل كامل. وإلى جانب هذا، فإن الحجم الهائل للفظائع التي تُرتكب ضد المدنيين يتساوى مع أي حرب كبرى شهدناها في العقود الماضية، إن لم يكن أسوأ في بعض النواحي.
إذا كانت حكومة تحاول إجبار 2.3 مليون شخص على الفرار من منازلهم، فستكون هذه هي الاستراتيجية التي يجب استخدامها لإخافتهم ودفعهم إلى الاستسلام.
ومع ذلك، هناك بعض المشاكل الرئيسية التي يواجهها النظام الإسرائيلي، أولها وأكثرها وضوحًا هو حقيقة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعارض بشدة فكرة استيعاب هذا العدد الكبير من اللاجئين الفلسطينيين في مدن الخيام في سيناء، وثاني أكبر قضية بالنسبة للإسرائيليين هي حقيقة أنه في حال حدوث مثل هذا الهجوم، فمن المؤكد تقريبًا أن حزب الله اللبناني سيشن حربًا عليها من الشمال.
وبينما يواصل السياسيون الإسرائيليون استخدام لغة الإبادة الجماعية والحديث عن محو غزة بالكامل من على الخريطة، فإن الواقع على الأرض شيء مختلف إلى حد ما.
ولم تعد إسرائيل في الوضع الذي كانت عليه في عام 1948، حيث كان من الممكن إخفاء جرائمها وكانت أقوى عسكريا من جيرانها العرب. وعلى الرغم من اللهجة الخطابية الصارمة واستمرارها في ذبح السكان المدنيين في غزة، فإن الجيش الإسرائيلي أصبح في أضعف موقف له على الإطلاق