جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الدكتور محمود عواد الدباس .
ضمن منهج المقاربة السياسية . يمكن إسقاط نظرية الدولة على تركيبة الحزب السياسي. فكما أنه توجد سلطة تنفيذية داخل الدولة تسمى حكومة فبكل تأكيد توجد سلطة تنفيذية داخل الحزب مع تعدد مسمياتها . وكما أنه توجد سلطة تشريعية داخل الدولة تمسى البرلمان . فإنه في المقابل توجد سلطة تشريعية داخل الحزب مع تعدد مسمياتها . في الدراسة البحثية التي أجرتها على ٢٧ حزبا سياسيا قبل شهرين تقريبا تم دراسة كيفية تشكيل حكومات الأحزاب و برلماناتها والعلاقة بينهما كأحد مداخل الدراسة من أجل التوقف على واقع التقارب أو التباعد في ذلك مع منظومة التحديث السياسي التي تناولت كيفية تشكيل الحكومة داخل الدولة وعلاقتها بالبرلمان .
في هذه المقالة يمكن ذكر بعض العناوين الرئيسية التي خرجت بها الدراسة ضمن هذا العنوان . منها أن هنالك حالة تعارض ما بين رؤية التحديث السياسي تجاه العلاقة بين الحكومة و البرلمان من جهة وما بين واقع الأحزاب السياسية في العلاقة بين السلطة التنفيذية في الحزب وما بين السلطة التشريعية داخل الحزب من جهة أخرى . والدليل هو ما يلي. أقرت منظومة التحديث السياسي حالة الفصل الدستوري ما بين عضوية الحكومة وعضوية مجلس النواب . في المقابل فإن غالبية أعضاء السلطة التنفيذية ( حكومة الحزب ) في الأحزاب السياسية هم من أعضاء السلطة التشريعية في الحزب (برلمان الحزب ) . في دلالة واضحة أن الأحزاب السياسية الأردنية تسير وفقا النموذج البريطاني في تشكيل الحكومات والذي يعني أن الحكومة تشكل من أعضاء مجلس النواب . ننتقل إلى الحديث عن التعارض الثاني ما بين منظومة التحديث السياسي وما بين واقع الأحزاب السياسية وهو موضوع الكوتا النسائية داخل البرلمان الأردني وفي داخل السلطة التشريعية في الأحزاب السياسية . في منظومة التحديث السياسي فقد أدت توصياتها إلى زيادة نسبة النساء في البرلمان الأردني . في المقابل نجد أن غالبية الأحزاب السياسية لم تخصص كوتا نسائية داخل السلطة التشريعية في الأحزاب السياسية .
نأتي الى التعارض الثالث وهو مستويات انتخاب أعضاء السلطة التشريعية في الدولة و في الأحزاب . حيث أنه و بموجب نظرية التحديث السياسي فإن هناك مستويان اثنان . الوطني وله نسبة من مقاعد البرلمان . والمستوى المحلي والذي له غالبية مقاعد البرلمان . في المقابل نجد أن غالبية الأحزاب السياسية اعتمدت المستوى الحزبي العام والذي يعادل الدائرة الوطنية في اختيار أعضاء السلطة التشريعية داخلها ( برلمانات الأحزاب). أما التعارض الرابع فهو في نظام اختيار القيادات السياسية . حيث ذهبت منظومة التحديث السياسي نحو القوائم الانتخابية في اختيار أعضاء البرلمان الأردني . فيما ذهبت غالبية الأحزاب السياسية نحو نظام الترشيح الفردي مع تعدد الأصوات بحسب عدد المقاعد التي يتم التنافس عليها .
بكل تأكيد فإن ما كتب أعلاه هو ملخص مختصر جدا لإبراز مخرجات الدراسة فيما يخص العلاقة ما بين السلطتين التشريعية و التنفيذية في الدولة وفي الأحزاب السياسية. والفكرة أن هنالك تعارض ما بين رؤية التحديث السياسي وما بين رؤية وواقع غالبية الأحزاب السياسية في النقاط المشار إليها في هذه المقالة .بكل تأكيد أدرك واحترم موقف بعض القيادات الحزبية التي تؤكد على حرية الحزب في كيفية تشكيل سلطته التنفيذية وفي تشكيل سلطته التشريعية .من جهتي أؤكد أن هذا الكلام والموقف هما صحيحان لكن هو صحة جزئية و ليست شمولية . فالمشكلة هنا أن عضو الحزب يتعامل مع نظامين انتخابين مختلفين واحد منهما داخل الحزب بموجب النظام الأساسي للحزب و الثاني بموجب قانون الانتخاب لمجلس النواب .
ختاما تضمنت المقالة نتائج هامة جدا تخص دراستي عن الأحزاب السياسية .والهدف هو تقليل حجم التباين الكبير ما بين رؤية التحديث السياسي وما بين ما هو موجود داخل الأنظمة السياسية للأحزاب السياسية .وبكل تأكيد فإن الكرة هي ملعب الأحزاب السياسية .