جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
أثار سخطي خبر تداولته بعض المواقع الإخبارية قبل نتائج الثانوية العامة بيوم، عن تخفيضات مجزية تمنحها منتجعات ومزارع خاصة للطلبة الذين لم ينجحوا؛ لتوفر لهم ملاذا آمناً بعيدا عن غضب وسطوة الأهل المفجوعين بالنتيجة.
هذا الإعلان الانتهازي الذي يريد التكسب من مآسي الآخرين بطريقة طريفة لا يقل وجعا عن النكتة التي أرسلها لي صديق وتقول إن واحدا من الآباء أخذ يطلق النار بكثافة بعد النتائج مثيرا لغضب جيرانه الذين صرخوا فيه قائلين، يا رجل ابنك جاب خمسين وتطخ له؟ فيقول أنا لا أطخ له، بل أطخ عليه، بس مش عارف أصيبه.
إن كنا سنجد بعضاً من عذر لأولئك الانتهازيين في سعيهم لجني الأرباح في كل أحوال الناس، فكيف سنجد أدنى عذر لآباء غاضبين وأمهات غاضبات من نتيجة يعرفون تماما أنها ليست نهاية العالم. فلماذا تلك القسوة التي نراها لدى البعض تجاه أبنائهم حين يخفقون، أو إن لم يحققوا ما يريدونه منهم تماما. أبناؤنا ليسوا لنا، هم أبناء هذه الحياة التي تحتمل أن يخفق فيها المرء مرات ومرات قبل أن يحقق ما يريده.
وللأسف الشديد فنحن نرى ونسمع عن آباء وأمهات يقسون بشدة وبدون رحمة على أبنائهم، لا عندما يفشلون في مهمة ما فحسب، بل حين يسقطون في فخ مقارنتهم بأبناء الآخرين. المقارنة مقتل كبير لفرادة الأبناء وتميزهم، هي تبعدهم عن أن يكونوا هم.
المقارنة وجع الآباء وقهر الأبناء، فالولد ومنذ النشأة الأولى يشعر أنه شخص آخر تماما، حين يطلب منه أن يكون مثل آخرين كابن الخالة أو العمة أو الجيران، أو حتى حين نقارنه بإخوته. وكأننا لا نعي أن كل واحد منا هو فريد من نوعه. يختلف عن الآخرين ولا يجوز في حال أن نقارن أحدا بآخر. الناس يعرفون هذه الفكرة لكن بعضهم لا يريدون لطفلهم أن يكون نفسه، بل أن يكون غيره.
ينصحُ خبراء التربية ألا نقارن أولادنا بالآخرين؛ فلكلّ ولد طبيعته وإمكانياته وفرادته، وأن فعل المقارنة يكرّس في نفسه شعور الإحباط، ويعزّز ألمه، ولا يفيده في سباقات النجاح. وإن كان لا بدَّ من ذلك، فلنقارن أولادنا بأنفسهم، كيف كانوا؟ وأين أصبحوا؟ وندعهم يتفوقون على أنفسهم، مرة تلو المرة، حتى يحرزوا التميز المنشود.
الثانوية ليست نهاية المطاف أبدا. هي بداية قد تكون صعبة على البعض ولكنها ليست مأساة حين نمعن النظر فيها. فكم سمعنا وقرأنا عن الذين لم يتسلموا لنتيجة ما، ودأبوا أن يتغلبوا على أنفسهم حتى نجحوا بعد عديد من الإخفاقات.
حن نقارن أبناءنا بغيرهم نقتل تميزهم ونشعل في أرواحهم لواعج الحسد والغيرة والسخط.