جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم د. ماجد الخواجا
يبدو أن فكرة إقامة مجالس للتطوير التربوي، قد انبثقت عن خطط أو استراتيجيات تربوية تنادي بإشراك المجتمع المحلي في قيادة العملية التربوية ضمن المناطق التعليمية المختلفة. وهي فكرة بالتأكيد جميلة وتعمل على حل المشكلات الطارئة وتضع الرؤى المستقبلية للمدارس ومسيرتها التعليمية.
إن فكرة اللامركزية في القرار التربوي لكل منطقة تعليمية هي فكرة سائدة في الدول التي تتوافر لديها الإمكانات والإرادة والقرار التربوي الحصيف، بحيث يمكن وضع السياسات والرؤى الخاصة وبما يتناسب وينسجم مع متطلبات كل منطقة جغرافية ومراعاة خصائصها الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.
لقد أقرّت الدولة الأردنية عبر تشريع خاص تعليمات إقامة مجالس التطوير التربوي منذ بداية تسعينات القرن الماضي، أي أنها ليست وليدة الساعة، بل هي تجربة ممتدة منذ عقود ثلاث ونيف. ولا أدري هل تقوم الوزارة بمراجعة وتقييم العملية وأداءات مجالس التطوير بهدف تصويبها وتعديل مساراتها، أم أنها تجاري السياقات وبالتالي أصبحت مجرد هياكل مفرغة من أية مضامين تربوية ملموسة.
إن فكرة الانتخاب لهذه المجالس قد أصابتها في مقتل وموت سريري نتيجة الأعراف المجتمعية السائدة، بحيث أصبحت عضوية المجالس نوعاً من المكانة الاجتماعية التي يتهافت عليها الباحثون عن أي مجدٍ مزعوم، وربما لا تتوافر لدي الأرقام والإحصائيات الدقيقة عما تقدمه هذه المجالس وما هي المنجزات الحقيقية لها، وهل ما زالت تمتلك الصلاحيات وتتوافر لها الموارد الكافية لمتطلبات التطوير التربوي، أم أنها مجرد وجاهة واجتماع أو اجتماعين يتم عقدهما طيلة السنة التعليمية مع بعض الطقوس والصور وينتهي الأمر على ذلك.
ربما كانت الفكرة أن تستقطب وزارة التربية الوجهاء الميسورين وذوي المكانة الاجتماعية والعلاقات الواسعة من أجل جمع أكبر قدرٍ من المنح والتمويل لتنفيذ الخطط والمتطلبات للمدارس ضمن كل منطقة. لكن الشواهد تدلل على تغلغل فكرة الوجاهة والوجهنة وإيجاد هياكل هشّة تدعى بالمجالس التطويرية التي يكتفى منها بحمل المسميات والألقاب.
أعتقد أن المجالس التطويرية بصورتها الحالية أصبحت عبئاً واقعاً على كاهل الوزارة، فلا هي تقوم بأدوار حقيقية ومثمرة ومنتجة كما يتوخى منها، ولا هي بالتي يمكن للوزارة الاستغناء عنها أو التخلّص منها بعد أن أصبحت بمثابة الحقوق المكتسبة، والهياكل المفروضة.
الحل يتمثل في إعادة النظر بطبيعة مهام وأعمال هذه المجالس ومراجعة شاملة وجذرية لأدائها وتقييم مخرجاتها بما ينسجم مع تطوير أعمال الوزارة ذاتها.
نعم نحن مع لا مركزية القرار التعليمي، لكن مع تهيئة الأسباب والظروف والسياقات الملائمة لفعل ذلك، وأولها حسن اختيار عضوية مجالس التطوير. قد يكون الحل الأنسب هو الانتخاب الديمقراطي الحر، لكن هذا يحتاج إلى تربية وتوعية وتوجيه ديمقراطي قبلي. يحتاج إلى وضع مؤشرات لمنجزات ملموسة وواقعية ومطلوبة ضمن المنطقة التطويرية. حينها يصبح الحديث عن المجالس وعن التطوير له معنى وقيمة مضافة.