النسخة الكاملة

عندما تالفت العقول

الخميس-2023-05-09 10:32 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم م. بسام ابو النصر - صوبت أربعة عشر حزبا سياسيًا أوضاعها حسب القانون الجديد وهي احزاب مساواة الاردني ، والشعب الديمقراطي الأردني "حشد"  والقدوة الأردني، والنهج الجديد، والائتلاف الوطني الأردني، وجبهة العمل الإسلامي، والأرض المباركة، والميثاق الوطني، والشورى الأردني، والديموقراطي الاجتماعي الأردني،  والوحدويون الديموقراطيون الاردني، والاتحادي الديموقراطي الاردني، وإرادة ، والغد.

 وسجلت هذه الأحزاب نصابًا  حسب تعليمات الهيئة المستقلة ، بحيث فرغت الى استحقاقاتها الداخلية التي أنتجت هياكلها القيادية حسب القوانين الخاصة لكل منها، وقد شهد حزب الائتلاف الوطني نجاحًا في أندماج ديموقراطي وحقيقي بين حزبين سابقين؛ هما حزب الوسط الإسلامي والمؤتمر الوطني "زمزم" ، وقد كان هناك سباقًا ديموقراطيًا في إجراء انتخابات في اكثر من ثلاثة فروع ، وكان على وشك إجراء إنتخابات لإختيار امينا عاما من بين ثمانية مرشحين، حيث تم التوافق على امين عام واحد هو النائب السابق والمحامي، الدكتور مصطفى العماوي  الذي كان له دور كبير في تأسيس حزب الوسط الاسلامي وفي الإندماج بين الحزبين العريقين، وهكذا صرنا أمام تجربة مختلفة في التاريخ السياسي والحزبي الاردني الحديث.

وإن جاز لي التعبير فإن هناك انعطافا في تطور الحياة السياسية الأردنية يأتي بتجربة سيُبنى عليها في المستقبل القريب، وظهر جيل جديد من القادة الذين أظهروا إيثارًا في تقديم فكر الحزب على مصالحهم الشخصية ، وصفق الحضور لإنسحاب جلهم لصالح إستمرار فكرة الدمج ضمن حزب جديد يمتلك شخصية إعتبارية متماهية ومنسجمة، وتشابكت الأيدي لتطوي صفحة وتبدأ بصفحة جديدة من العمل الجاد ، ولعلي لا أبالغ إن قلت ان هناك تجربة تقترب ان تكون مدرسة سياسية تأتي مع التوجهات الملكية والوطنية، وتناغم الإقبال الجديد لجيل الشباب والنساء والمتعطشين لخدمة الوطن ضمن إطار حزبي منضبط .

وربما أن التجارب الحزبية في الكثير من الأحزاب الأخرى التي إجتازت عتبة النصاب، والاستحقاق القانوني قد ساهمت في تطوير الماكينة  التأهيلية لأعضاء الحزب من خلال مشاركتهم في انتخاب الامين العام والمجالس المنتخبة، وسيسهم هذا في رفع السوية الحزبية، التي ستعمل على تطوير الحياة السياسية الجمعية للمجتمع برمته، وأعتقد ان الأحزاب الطموحة ستقوي من عزيمة الطموح الشخصي لدى كل عضو ما يعود عليهم وعلى الوطن بالكثير من الفائدة، إذ إن الأوطان لا تبنيها إلا عزائم الطامحين ضمن مؤسسات وطنية ترفع من سقف التوقعات لديهم،  وسيكون لزامًا على الجميع ان يعملوا معا وحسب ما ترتأيه قيادة الحزب ، فما يتقنه احدهم ، يعجز عنه اخرين، وبهذا تتظافر الجهود لوضع إطار لوطن مصغر يمثل الوطن الأكبر، وتحضر عندها فكرة حكومات الظل واللجان المتخصصة والملفات التي تبني حلولًا لكل المشاكل العالقة، حتى يكون هناك وصفات خاصة للكثير من الظواهر الشائكة التي تواجه المجتمع، ويعمل الحزب كمستشار  وهو خارج الفعل الحكومي، بتمثيل نيابي يمثل جزءا من المجلس التشريعي وتمثيل تشريعي داخل الحزب من خلال المجلس المركزي لدعم توجهات ومشاريع نواب الحزب الذي سيحتاجون الكثير من البيانات والحلول للكثير من القضايا التي ستشكل عبئا زمنيا تحتاجها كتلة الحزب في مجلس النواب، أما حكومة الظل فيكون هناك متخصصين ووزراء محتملين يعملون على تثقيف انفسهم من خلال الاطلاع المباشر والتثقيف الحزبي واستكتاب المتخصصين من أعضاء الحزب، لوضع المعلومات التي سيحتاجها اعضاء حكومات الظل، وتقديمها للحكومة في حالات الاحتياج    كجهد وطني مقدر.   
     
لقد خسر الذين راهنوا على الشخص الواحد، والمُنَظِر الواحد، والرئيس الابدي للحزب، فلا يجوز ان يكون هناك قائدا أوحد وأبدي، ولا يجوز ان يكون الحزب مملوكًا لأحد، ولا أن تتحكم فيه عائلة، فوداعًا للأحزاب العائلية، وأحزاب الشلة الواحدة، تساقطت أحزاب الفرد، والشلل، كما تتساقط أوراق الشجر في الفصول الجافة، وصار بوسع الذين راهنوا على بناء دكاكينهم الحزبية من جيوبهم وهمة اصدقاءهم وعائلاتهم، دون التجذر في عرض البلاد وطولها، ودون وجود التنوع في الوسائل داخل الفكر الواحد، او الاختلاف في طرق حل المشاكل للقضية الواحدة، او الاجتهاد والعمل الجاد لتظافر الجهد، تساقطت التجارب المراهقة في العمل السياسي، حيث الذين ارادوا ان تكون احزابهم مؤسسات لبيع مقاعد القوائم الحزبية، حيث يصير المال الأسود بطعم "بشع" .

  دخلت أحزاب  الفكر الواحد والمدرسة الواحدة التي تناولت الاعتدال والوسطية في المنهج الاجتماعي والديني والسياسي، وجاءت نخب هذه الاحزاب مختلفة فيما يبني ويطور، اختلفوا في وسائل التغيير الخلاق، واجتهدوا في طرق التعبير الراقي، وفي ذات الوقت كانت هناك أحزاب أخرى تخرج من السجال بفقد النصاب وتراجع النخب، إذ كيف لنخب أن ترضى أن يعتلي صهوة حضورها منظرين الصوت العالي والمزدوج، وربما المتراجع ، أحاديثهم صراخ، وأقلامهم معبأة بالحبر الأسود، وفي كل طروحاتهم يتفننون  في إقصاء 
  الاخرين.
 بقي القول اننا على عتبة مشاركة سياسية يساهم فيها الخيرين من الذين وضعوا أنفسهم رهن العمل لأجل وطن كبير نعتز به ونراهن عليه ان يكون أمة بين الأمم .