النسخة الكاملة

"دينار الزلزال" بدلاً من "التلفزيون" وأفكار أخرى.. لماذا نتأخر في الاستعداد ؟

الخميس-2023-02-14 08:50 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - خاص

لا توجد بؤرة جغرافية على كوكب الأردن يمكن القول إنها "آمنة زلزالياً"، فهذا الأمر محسوم بـ"الخبرة والتخصص"، ولأن الأردن جزء من كوكب الأرض، فإنه لا يكفي أن تقول السلطات إنها لديها خطط طوارئ، فهذه الخطط إن لم تكن مستندة إلى وعي شعبي بما تخلفه الكوارث وتتركه في العقول والقلوب، فإن أي استعداد يظل قاصرا وبلا الفاعلية المأمولة، وعلى الأردني أن يدرك أن المساعدات الدولية في حال – لاقدر الله- فإنها لن يكون سوى "من الجمل إذنه"، وأن على الأردني أن يكثف استعداداته، وأن يكون مستعدا بشكل مثالي ومختلف، للعمل سريعا على "تلطيف آثار الزلزال"، إذا كان مستحيلا منعه.

في المؤسسات الرسمية والسيادية والأهلية والشعبية والمجتمعية والبلدية يجب أن يثور سؤال وحيد مفاده هو كيف نقلل آثار الزلزال، فعلي المصانع الأردنية -أيا كان مجالها- أن تبدأ في تصنيع "لوازم الإغاثة" من أغطية وخيم وملابس تقي الناجين من البرد أو حرارة الصيف، وأن يتم إنتاج أمصال دوائية وغذائية طويلة الأمد، وأن يجري تخزينها بشكل مثالي وسريع الاستجابة انطلاقا من نقاط محددة على طول خريطة المملكة، وأن تبدأ بعض المصانع بإنتاج بيوت بلاستيكية سهلة الفك والتركيب لنصبها ونقل ناجين إليها فورا وفق خطة استجابة وطنية.

يتساءل أردنيون عن المانع الذي يحول دون أن يصبح "دينار التلفزيون" الذي يدفعه الأردنيون شهريا إلى صندوق الزلازل، فإذا اعتبرنا أن هناك مليون عداد كهرباء يدفع أصحابها شهريا دينار واحد، فإننا سنويا سنكون أمام حصيلة في صندوق الزلازل لا تقل عن 12 مليون أردني، وأنه لا توجد أي عائلة في الأردن ترفض أن تُسْهِم بدينار شهري إضافي لصندوق الزلازل لنكون أمام حصيلة مالية أكبر سنويا، وإذا تم ضرب هذا العدد في 10 سنوات فقط فسنكون أمام مبالغ ضخمة قد تغني الأردن عن تلقي أي هبات أو مساعدة في لحظة الزلزال لا قدّر الله، فماذا يستفيد الأردني من قنوات تلفزيونية رسمية لا تعود على الأردني بأي "تغذية راجعة"، فما هي "المادة المختلفة" من وكالة الأنباء مرورا بالتلفزيون الأردني ووصولا إلى قناة "المملكة"، وهي وسائل إعلام يمولها دافع الضريبة الأردني لكن أثناء الزلزال لا قدر الله فقد لا تكون متاحة للملايين، ولا حتى كذلك منصات السوشيال ميديا، إذا ما توقفت شبكة الإنترنت، لذلك فإن الحاجة في تلك اللحظات العصيبة ستكون لخيمة أو مأوى أو حبة دواء أو مصل.

ومن الأفكار التي لم تظهر على المستوى الوطني الأردني رغم خطورة التوقعات والمخاوف والسيناريوهات الكارثية، هو بدء وزارة التربية والتعليم في تخصيص حصة نشاط يومي لجميع طلبة المدارس، وأن تكون هذه الحصة اليومية للتدريب المكثف للطلبة على عمليات الإخلاء والمساعدة والتنظيم وتهدئة الهلع، وبث الطمأنينة ويجري نشرهم على امتداد الخارطة الأردنية في لحظات الكوارث الطبيعية وفق مهام متعددة مساندة وداعمة للجهد الرسمي، فيمكن مثلا تدريب 100 ألف أردني على مهام مختلف للاستفادة منهم في لحظات الأزمة، وأن تكون حصة النشاط المدرسي لها صلة بالنجاح والرسوب ويمكن للمتفوق فيها أن يحصل على علامات أعلى في شهادة العلامات النهائية.

الأوطان والشعوب التي تنجح في تخطي أزماتها بـ"أقل الأضرار" هي دول وشعوب عملت مبكرا وفق خطط عميقة، يمكن تفعيلها في أي لحظة صعبة، والدول والشعوب التي "تندب حظها" في الكوارث" هي تلك الدول التي تبدأ عملها بعد الأزمة لا قبلها.