النسخة الكاملة

هكذا صنعت النيابات العامة الأردنية "دافوس" جديد في البحر الميت

الخميس-2023-02-01 03:06 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - على مدار ثلاثة أيام متواصلة ونحن نعمل على تغطية مؤتمر النيابات العامة الأردنية "العدالة التصالحية"، والذي عقد في البحر الميت خلال الفترة من19 إلى 21 من الشهر الماضي، بالتعاون مع جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية.

فالنيابات العامة قد اهتمت بأدق التفاصيل لهذا الحدث التاريخي الذي اقيم في الاردن فلم يغفلوا شاردة او واردة الا اهتموا بها.

فقد اجتمعت خلاله 13 نيابة عامة عربية في دولة واحدة وهذا يعتبر لأول مرة في تاريخ النيابات العامة العربية ان تجتمع النيابات العامة في دولة واحدة،وبمشاركة وفود اجنبية من فرنسا وبلجيكا وغيرها من الدول بالإضافة إلى أساتذة جامعات عربية واجنبية ونقباء وقانونيون عرب وأجانب.

كنا أمام مؤتمر دولي وعالمي بترتيب عالمي اسمه دافوس النيابات العامة العربية وهذا ما وجدناه.

خليط عجيب من الترتيب والتنسيق والاهتمام في أدق التفاصيل ابتداء من استقبال الوفود وبما يليق بالاردن قيادة وشعبا.

فعند افتتاح المؤتمر كان معنا جدول عن مواعيد الجلسات فالعادة جرت هكذا، كذلك ايضا جرت العادة ان يكون هناك تأخير في انتهاء الجلسات أو بدئها في مثل هذه المؤتمرات الضخمة، لكن المشهد هنا مختلف تماما وكأننا أمام منظمين مختصين في تنظيم الندوات والمؤتمرات وليس امام "مدعين عامين" أفنوا حياتهم وعملهم في التحقيق والفصل في القضايا، فقد كانوا كجراحين مختصين ومتمترسين في إعادة أعصاب شرايين الدماغ بعد كل غرزة يقومون بها في جمجمة المريض، فحتى الاستراحة بين الجلسات كانت بالدقيقة ترى الجميع في القاعة.

وما أن انتهت الكلمات الترحيبية من قبل رئيس المجلس القضائي القاضي محمد الغزو ورئيس النيابات العامة القاضي يوسف ذيابات ورئيس جامعة نايف العربية للعلوم الامنية معالي عبد المجيد البنيان حتى بدأ المؤتمر الذي من خلال نخبة النخبة من أساتذة الجامعات العربية والاجنبية والمختصين والخبراء في علم الجريمة بالإضافة إلى المدعين العالمين العرب تحت عنوان المؤتمر العدالة التصالحية في السياسة الجنائية المعاصرة حيث قاموا الوفود المشاركة بتقديم تجارب بلدانهم في العدالة التصالحية من أجل الاستفادة وتبادل الخبرات في مؤتمر نوعي وهام لما توصلت إليه هذه الدول حيث يعد هذا المؤتمر ونقاشاته وموضوعه يهم الشعوب واقتصاد البلدان بشكل أساسي.

فعندما أبحر المشاركون في فلسفة العدالة التصالحية وما يرافقه من تبعيات تهم الشعوب تبين أن الأمر لا يتعلق فقط في عدم التوقيف أو العقوبة السالبة للحرية فقط، لا بل تجاوز هذا الأمر في تبعياته واثره على الاسر العربية والاقتصاد وما ينتج عنها وما يحتاجه هذا النهج الجديد والعصري في العدالة من تعديل للتشريعات والقوانين في الدول للسير به وكأننا أمام دراسة اكتوارية مستنبطة من حاجات الشعوب والدول والمتماشية مع التطور الذي يشهده العصر والتي بنيت على أدوات معلومة تفرضها حاجة الشعوب وتطالب بها دون طلب، فنحن في زمن من لا يتقدم ينقرض.

فالأوراق النقاشية التي قدمت يوجد معلومات هامة ومزايا نوعية وتوعوية لهذا المفهوم باعتبار ان احكام الشريعة وقيم المجتمعات العربية تكرس قيم الصلح والسلم والتصالح في كل أدبياتها والتي بحثت في الفلسفة الإنسانية وانتاجية هذا التوجه ونتائج هذا التوجه في الدول التي اتبعت نهج العدالة التصالحية.

وعلى هامش المؤتمر فقد كانت هناك قمم ثنائية تعقد ما بين النيابة العامة الاردنية والمتمثلة برئيسها يوسف ذيابات مع رؤساء النيابات الوفود العربية المشاركة.

بالإضافة إلى حرص نائب عام عمان القاضي حسن العبداللات عل عقد لقاءات ثنائية مع بقية الوفود المشاركة والتي لم يترأسها نواب عامين حيث تناولت هذه القمم و الاجتماعات تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال العدالة التصالحية بالإضافة إلى تبادل الخبرات بين الدول الحاضرة والتعاون في مجال المساعدات القضائية والتسريع في حلها من أجل إنهاء النزاع في تلك القضايا حيث شملت هذه اللقاءات توقيع مذكرات تفاهم بين الدول المشاركة لتسريع التعاون فيما بينها لمنع وقوع الجريمة والإرهاب، بالإضافة إلى فتح قنوات من أجل التواصل بين النيابات العربية في مجال طلبات التعاون الدولي والإسراع في حلها وعدم التوقف عند الشكليات.

فخلال انعقاد المؤتمر لوحظ بأن هناك توجه حقيقي لدى المؤتمرين وانهم يسعون إلى عقد مزيد من المؤتمرات والندوات التي من شانها ان تلقي بظلالها على تطوير آلية تعاون عمل النيابات العامة فيما بينها والتي تسعى لتغيير الأنظمة والقوانين بملا يتلاءم مع مستجدات ظروف الجريمة التي اخذت منحنى تكنولوجي متقدم يجب التصدي له.

وكما مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي بات علامة فارقة في مساهمة وصناعة السياسات الاقتصادية حول العالم، فقد استطاعت النيابة العامة الأردنية أن تصنع "دافوس للعدالة" التصالحية لأول مرة والذي سيكون بوصلة لتغيير نهج العدالة وتغيير الانظمة والتشريعات بما يتلاءم ومتطلبات العصر فشكرا للنيابات العامة الأردنية وشكرا للمجلس القضائي الداعم للمؤتمر على هذا الإنجاز العالمي.

الراي - محمد عشا