جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - ناجح الصوالحه
في اليوم الأول من شباط الماضي تبدلت أحوالنا وانقلبت موازين أيامنا، وأصبحنا في غياب دائم عن واقعنا ولم نقر بأحداث ذاك اليوم وللآن نصد مجرياته بكل قوة, كانت (أمي) في ردهات المستشفيات خلال أيامها الأخيرة, نقبل قدميـها ويديها ونشم رائحة ملابسها, حتى أدويتها حفظنا تواريخ صلاحيتها والشركات الصانعة لها، بحـضنها وبقربها يكون فرحنا الدائم، وإن خانتنا قوانا وكنا نبكي عند وجعها، كنت في الليالي الأخيرة وأنا وحدي أذهب في عتمة الليل في ردهات المستـشفى وبصوت يدمي القلب أبكي لوجعها وثقل أجهزة غرفة العناية الحثيثة, يسمعني من يسـمعني ويسعى بعضهم أن يخفف عني وبعضهم يتركني لإدراكه أن الأمر جلل.
(شباط) يختلف عن أشهر الحياة وليس السنة لان (أمي) توفيت بهذا الشهر, من أقل الأشهر بعدد الأيام، وشهر خفـيف الوقع لكن اليوم الأول منه أصبح من أثقل أيام العمر, لم يعد هذا الشهر شهر العطاء والبهاء والنقاء لدينا, اصبح شهر أسود رغم أن أيامه تكون ناصعة البياض بثلوجه.. وبه تتهيأ الأرض لتتبدل حالها ويينع زرعها وبداية مشوار (الربيع), كانت أمي هي الربيع والعـطاء والحنان لهذا لم نفكر في عمرنا انه يوجد سعادة وفرح بغير وجود أمي, بعد (أمي) أدركنا أن غيابها لن يعوضه شيء.
نغيب عن الحزن فترة وينفجر في لحظة عند إحضار حديثها لنا من خلال تسجيلات كنا نكثر منها بوجودها, يأتي بها حفيد أو ابنة او ابن وندخل في بكاء حار مؤلم وكننا فقدناها الان، يا لموتنا الدائم فكل يوم هو موت لنا, نتفنن في البحث عن الأشيـاء التي تخصها وتهتم بها, كتبت عن اعشابها فيما سبق، وافكر ان انقل اعشابها لمنطقة اخرى لكن اخشـى ان نقلها يدخلها في اغتراب وموت اكون انا سببه, نبقى نفكر بتفاصيلها, وأزيد أنني في إحدى المرات شاهدت حذاء لها ودخلت في نوبة بكاء, كنا دائما نشاهدها وهي تتجول بين شجيراتها بذاك الحذاء, نزيدكم باننا منذ فترة ونحن نبحث عن مجرفة صغيرة ملازمة لها وسنبقى نبحث عنها لانها تعيد مشاهد محببة لنا وهي تستخدمها في رعاية ما تزرعه، كثيرا من تفاصيلها لم نستوعب للان انها غابت عنا، جلستها تحت شجرة الزيتون وإبريق الشاي الخاص بها وكثيرا من حاجياتها المخبأة بفراشها تحتوي اشياء بسـيطة ولكن هي الآن أغلى ما نملك.
من له (أم) ليبقى بحضرتها ويتنفس من عبقها, سنموت كلنا لكن موت الام شيء آخر لن ينتهي وسيبقى ملازما لك ما دمت حياً.. رحم الله أمي وأسكنها الجنة.