جفرا نيوز -
جفرا نيوز : جهاد المنسي
حلمت أن الإصلاح تحقق، والعدالة المجتمعية سادت، والقانون فرد جناحيه على الجميع فبتنا جميعنا تحت القانون ننعم بعدالة مطلقة؛ ونزاهة حاضرة ودولة مدنية حديثة ومواطنة مستقرة، وحقوق تحققت، وفرص متكافئة.
حلمت أن الأردن بات زراعيا، واننا استثمرنا سلة غذائنا في الاغوار بشكل صحيح، وباتت أراضي الشفا غورية خضراء، وان بيادر القمح والشعير والكرسنة والذرة عادت لأرضنا واننا بتنا نراها في كل مكان، والحصادين لوحتهم الشمس يرددون معا أغاني الحصاد وأفراح البيدر، ورأيت في حلمي المنجل بيد الفلاح يغوص في الأرض يحصد، وأراض زراعية على مد النظر.
حلمت أننا وزعنا أراضينا البور على الشباب العاطلين عن العمل لاستثمارها والاستفادة منها، وحلمت أيضا أن تلك الأرض تحولت لزراعية والماء يتدفق منها، وان الزراعة باتت موردنا الأساس ورؤيتنا المستقبلية، وإن عيون الماء عادت للانفجار، وحلمت أننا بتنا أكثر إيمانا بالأرض كمورد، والمعول كوسيلة للعمل وبالسواعد المحلية تبني دون الاعتماد على وافدين.
حلمت أن عيون الماء تفجرت من الأرض فبات الأردن لا يشتكي فقرا مائيا ولا شحا في الموارد، وأن السدود الترابية والعادية عمت البلاد من أقصاها لأقصاها، فبات أردننا أخضر.
نعم، إذ حلمت أيضا أن الصناعة الوطنية حضرت وتجلت، والايدي الاردنية العاملة باتت تنافس وتبتكر، واننا عدلنا القوانين ومنحنا التدريب المهني حقه في التوسع والحضور، وان التعليم المهني سبق الأكاديمي بمراحل، وان الصناعيين الاردنيين في الورشات الصغيرة (ميكانيكي، فني كهرباء، تكييف وتبريد…إلخ) باتوا ماهرين لدرجات لا توصف ومرخصين وفق أسس حديثة ومدربين على كل التفاصيل الدقيقة، ولم نعد نشتكي من غش هنا وتقصير هناك.
حلمت، أننا تخلصنا من التبعية لصندوق النقد الدولي، وبتنا احرارا في سياستنا النقدية فحفرنا وبحثنا عن النفط والغاز والفضة والذهب والبوتاس والفوسفات واليورانيوم والصخر الزيتي، واستخرجناها، واستثمرنا الشمس والرياح لتوليد الطاقة دون أن يجبرنا صندوق النقد على رفع سعر الماء او الكهرباء.
وحلمت ايضا، اننا عثرنا على اردنيين فكروا في طرق معالجة اقتصادية غير تقليدية بعيدا عن اشتراطات صندوق النقد وإملاءاته وشروطه، وان هؤلاء كانوا موجودين بكثرة بيننا، ولكننا عثرنا عليهم عندما قررنا التفكير خارج دائرة الصندوق الدولي.
وحلمت وأنا فرحا ان البرلمان بات حزبيا، وأن الإصلاح تحقق دون عوائق ودون أن تضع بعض الأطراف عصيا في الدواليب، وأن البرامج الحزبية باتت هي التي تحكم وترسم السياسيات وليس الأهواء الفردية لهذا الرئيس او ذاك، ودون عنتريات غير الواقعية، وتصريحات إنشائية ، ووعود مجانية.
حلمت باسما أن المواطنة استقرت فعلا وقولا وان النزعات المناطقية والجهوية والعشائرية والهويات الفرعية تلاشت في ظل هوية الدولة الجامعة، وان المكارم توقفت، والمدارس انتشرت والمقعد الجامعي بات متاحا للجميع دون استثناءات، وان الصحة باتت مجانية والتعليم إلزامي في كل مراحله، واننا شطبنا كل الغيبيات من أفكارنا وبتنا نؤمن بالعلم فقط ولا تلقي بالا لقراء الكف او الفنجان او المنجمين، وان أغنية قارئة الفنجان لم تعد تعنينا ولا تمثل حالنا أبدا وإنما نسمعها لنستمتع بصوت عبد الحليم حافظ وبكلمات نزار قباني.
حلمت وكلي أمل أن سفارة الاستعمار الصهيوني في رابية عمان أغلقت وأننا استعدنا سفيرنا من هناك وقطعنا كل تعاون معهم ورفضنا الاعتراف بهم وتحركنا شعبيا ودوليا بهدف وضع النقاط على الحروف فيما يخص انتهاكات الاستعمار الصهيوني للمسجد الأقصى وكنسية القيامة، وطالبنا بتدخل دولي تحت يافطة البند السابع من ميثاق المنظمة الدولية، ورفضنا أن تواصل قوات الفاشية الصهيونية العبث بالأقصى والولاية الدينية عليها.
حلمت أن العام 2023 سيكون مختلفا، ولن نشغل انفسنا بقضايا فردية وأننا سنهتم بإعادة الاعتبار لوعينا الثقافي ودورنا السياسي وحضورنا الجيوسياسي، نعم حلمت، فهل بات حتى الحلم صعبا علينا؟