جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
حقيقة ما شاهدناه خلال الأيام السابقة لكيفية تعامل مجلس النواب مع أزمة المحروقات يثير الشفقة والحزن على المجلس ، من خلال تعامله مع الحكومة ومطالبته لها لتلبية مطالب الشعب بتخفيض أسعار المحروقات لنزع فتيل الأزمة ، وشاهدنا النواب يدخلون ويخرجون من الاجتماع مع اللجنة الوزارية المعنية ويبدون تذمرهم من عدم تجاوب وتعاون الحكومة معهم، ورفضها قرار التخفيض ، واعتبار أسعار المحروقات خط أحمر ، وفي النهاية لم تلبي الحكومة كافة مطالبهم وخاصة المطلب الرئيسي، وخرج النواب إلى وسائل الإعلام للتصريح بأن الحكومة رافضه لمطالبهم، ولجأ بعض النواب بتوجيه النداء إلى جلالة الملك للتدخل، والحقيقة استغرب من هكذا مطلب والمجلس يملك الدستور بما يتضمنه من صلاحيات قوية منحها لهم جلالة الملك من خلال الدستور ، ألا وهي ورقة الثقة ، فالأصل أن الحكومة هي من يجب أن تهاب من مجلس النواب وتركض خلفهم وتحسب حسابهم ، وليس العكس، أما أن يصل المجلس لهذا الضعف فقد أثار بنا مشاعر الحزن والشفقة على المجلس، لقد كانت هذه الأزمة فرصة لأن يعيد المجلس هيبته وثقة الشعب به، وينتصر للديمقراطية التي منذ عام 1962 لم ينتصر لها ويعززها ويرسخها لحجب الثقة أو على الأقل بالتلويح بالحجب بشكل جدي وليس من باب المناورة، الديمقراطية الأردنية متشوقه ومتلهفة قبل الشعب الأردني لأن يقوم أحد المجالس النيابية بتسجيل هدف ديمقراطي ويحجب الثقة عن أحد الحكومات لنجدد التجربة الوحيدة واليتيمة والفريدة التي حدثت عام 1962 ، لنثري بها أبحاثنا ومؤلفاتنا من الكتب عن الحياة السياسية والحزبية والنيابية في الأردن ، ونتباهى أمام العالم أن ديمقراطيتنا حقة ، وهذا الشاهد العملي على ذلك إقدام مجلس النواب الحالي بحجب الثقة عن الحكومة ، أو إلزامها بالتجاوب مع مطالبها من خلال العين الحمراء ، أنا متأكد أن جلالة الملك سوف يكون مسرورا وسعيدا لنضوج التجربة الديمقراطية من خلال لجوء مجلس النواب إلى ممارسة حقه وصلاحياته الدستورية ولو مرة واحدة ، وهذا الخيار كان بالإمكان أن يفضي إلى نزع فتيل الأزمة الحالية في وقت مبكر وإغلاق الملف قبل الوصول إلى ما وصلنا إليه من أعمال شغب واعتصامات واضرابات حتى كانت النتيجة وقوع الحادث المؤسف الذي أدخل الحزن إلى كل بيت أردني واجبرنا على ذرف دموع الألم لخسارة شاب قائد في جهاز الأمن العام الذي هو عشق كل أردني، فسالت الدماء التي كنا حريصين على أن نصل الى هذا المسار ، فيخيم الحزن على كافة مناطق المملكة ، تاركا خلفه أطفالا يتامى من البنين والبنات ، نهاية كنا لا نتمناها وكنا حريصين منذ سنوات من أيام الربيع العربي أن لا تحصل ، ولذلك لا شك من أن مجلس النواب يعتبر شريكا ويتحمل جزء من المسؤولية عما حدث، ختاما نريد إثراء وتتويج الديمقراطية بحجب الثقة عن أحد الحكومات ، فهل تتحقق هذه الأمنية ، ومتى تتحقق ؟ وللحديث بقية .