جفرا نيوز - كتب - محمد خرّوب
فيما شدد الرئيس التركي أردوغان لنظيره الروسي/بوتين عبر اتصال هاتفي قبل يومين, على «أولوية تطهير الحدود السورية مع تركيا من الإرهابيين بعمق 30كم (في المرحلة الأولى) بموجب اتفاق سوتشي (تم التفاهم عليه في آذار2019 ولم يقتصر على البند الذي أشار إليه أردوغان فقط، بل أن الرئيس التركي التزم ابعاد التنظيمات الإرهابية المتطرفة مثل حرَّاس الدين الخاصة بـ"الويغور» الصينيين، فضلاً عن فتح اوتوستراد M4 بين حلب واللاذقية وهذا ما يتجاهله أردوغان حتى الآن).
نقول: بعد انتهاء المكالمة الهاتفية بين الرئيسين, واصل الرئيس التركي الإعلان عن مضي بلاده في طريقها لإنشاء «منطقة أمنِية» على طول الحدود مع سورية، في الوقت ذاته الذي أكد فيه نائب وزير الخارجية الروسي/بوغدانوف أن موسكو
«تواصِل (إقناع) أنقرة, عدم بدء عملية برِّية في سورية، مُشدِّداً المسؤول الروسي على أن هناك «نجاحات في هذا الاتجاه».
ما قد يؤشر إلى أن ثمَّة ما يمكن التفاؤل بشأنه، لكن المُعطيات والوقائع الميدانية وما تُواصِل أنقرة إرساله من تعزيزات ضخمة.. عسكرية ولوجستية, باتجاه المدن السورية الثلاث المُستهدفة عين العرب/كوباني، منبج وتل رفعت, لا توحي بأن أنقرة في صدد قبول الوساطة السورية, خاصة في ظل المساعي الأميركية الحثيثة الرامية الى «إفشال» الجهود الروسية, بل وايجاد شرخ في علاقات أنقرة بموسكو, والتي يمكن وصفها بأنها علاقات شبه دافئة لا ترتاح لها واشنطن, التي تعمل في الآن ذاته على دفع كرد سورية (قوات سوريا الديمقراطية"قَسد", وذراعها السياسية مجلس سوريا الديمقراطية «مَسد") لإبداء المزيد من التعنّت ورفض المُقترح الروسي الرامي قيام «قسد» بتسليم المناطق الحدودية المُستهدفة بالغزو التركي.. للجيش السوري».
وهو أمر أَعلنَه بغطرسة وعلى نحو «حاسم».. مظلوم عبدي، القائد العسكري لِـ«قسد» والأميركي الهوى, والذي يبدو أنه تلقى (كما قيادات كردية أخرى) تطمينات أميركية بـ«عدم» السماح لأنقرة باجتياح كهذا. بل ثمة «عَرض» أميركي رشحَ أن واشنطن قدمته للرئيس التركي يقوم على منحِه ضوءاً أخضر لاحتلال «تل رفعت» فقط (..).
دثمَّة إذاً مواجهة روسية أميركية مُتدحرِجة ساحتها الشمال السوري، تندرِج في اطار الجهود الأميركية الحثيثة لاشغال روسيا في معركة جديدة, تروم من بين أمور أخرى توتير العلاقات بين أنقرة وموسكو. وهو الأمر الذي لفت إليه رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف, مُتهِماً وعلى نحو مباشر واشنطن بـ«إجهاض مسارات الحل التي تعمل عليها بلاده على دفعها»، مُشيراً/لافروف خلال كلمة له أمام منتدى «قراءات بريماكوف» في العاصمة الروسية, إلى أن «الأميركيين من خلال وجودهم العسكري غير الشرعي، يُغذّون النزاعات الانفصالية بين الكرد وفقاً لمنطق فرق تَسُّد»، ولم ينسَ المسؤول الروسي الرفيع من لفت الأنظار والتذكير بالاتفاقات الأمنية بين سورية وتركيا, والتي تُعرَف بـ"اتفاقية أضنة»، (نسبة إلى مدينة أضنة التي تم فيها توقيع الاتفاقية في 20/10/1998)..مُعتبراً/ لافروف أن الاتفاقية «تشكّل أرضية يتم العمل عليها الآن, لفتح الأبواب المُغلقة بين دمشق وأنقرة».
هنا يمكن التوقف عند التصريحات والمطالب والتهديدات التي يواصل أردوغان إطلاقها سواء في ما خص تنفيذ اتفاق سوتشي آذار/2019، أم في إصراره المضي قدماً في اقامة المنطقة الأمنية/العازلة بعمق 30كم, رغم ما يواجهه من معارضة أميركية (مزعومة), أو مساعٍ روسية للحؤول دونها والذهاب في اتجاه «إحياء» اتفاقية أضنة, أو ممارسة المزيد من الضغوط على قيادات كُرد سوريا «قسد/ ومسد» لتسليم المدن المستهدفة بالاجتياح التركي... للجيش السوري. مع «الانتباه» إلى تصريحات وزير الخارجية التركي/مولود أوغلو عن «استعداد بلاده للعمل مع دمشق في ملف الإرهاب وعودة اللاجئين», مشترطاً..أن تتصرّف دمشق بـ«واقعية».. ما يستبطن اصراراً تركيا على عدم التخلي عن الغزو العسكري الذي لم يتوقّف خلال عملية التحشيد المكثف له, عن قصف المدن والقرى والبلدات السورية الشمالية سواء تلك التي يُسيطر عليها كرد سوريا أم خصوصاً باتجاه الجيش السوري في أرياف حلب الشمالي وحلب الشرقي ومحافظة الحسكة.
تدرك أنقرة جيداً وعميقاً أن ملف «مكافحة الإرهاب واللاجئين» على أهميته, ليس أولوية على جدول الأعمال السوري والإقليمي, بقدر أهمية إنهاء احتلالها لمساحات شاسعة من الأراضي السورية, وعرقلتها أي جهود لمحاربة الإرهاب الذي تشكّله الجماعات الإرهابية في إدلب, والتي تحظى برعايتها وما توفره لها من دعم واسناد ومهمات داخل إدلب وخارجها, فضلاً عن تلك ميليشيات ما تُسمى «الجيش الوطني", التي تقوم بدفعها أمام قواتها في عمليات الاجتياح الثلاث التي قامت بها, درع الفرات,غصن الزيتون ونبع السلام. وخاصة تلك التي تُهدّد القيام بها والتي يقول الرئيس التركي عنها: «اننا سنقلع شوكنا بأيدينا».. مُتذرعاً بمحاربة الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني «PKK» ووحدات حماية الشعب «YPG».