جفرا نيوز : الدكتور عوني ذنيبات
لا زال العالم يشهد ارتفاعا مستمرا في أسعار السلع الغذائيه الرئيسية وتعتبر الدول العربيه من أكثر دول العالم تأثرا مما زاد من معاناة المواطن العربي وخصوصا في الدول الأقل نموا .
ويشكل تدني نسبة الاكتفاء الذاتي العربي خطرا على الأمن الغذائي الذي يمثل أحد المكونات الأساسية للأمن القومي من منظوره الاقتصادي.
فقد تصاعدت معدلات البطالة في الوطن العربي إلى نسب مرتفعه حيث تشير التقارير إلى أن البطاله في الوطن العربي تجاوزت نسبة 20 بالمائه% .
أضف لذلك اتساع حجم الفجوة المعرفية فقد ارتفعت نسبة الأمية في الوطن العربي لتبلغ ٣٩%وهي نسبة مرتفعه مقارنه بالبلدان الناميه والمتقدمه.
وكذلك فإن نسبة الإنفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي منخفضه ، حيث بلغت في الوطن العربي15,.%مقارنة مع 2,8%في اليابان 3,6%في السويد و2,8%في كوريا الجنوبيه و2,4%في إسرائيل .
ويعد الفقر تحديا أساسيا لعملية تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، مما يتطلب الاستغلال الرشيد للثروات المتاحه، وإيجاد مناخ ملائم للاستثمار محليا وإقليميا ووضع آلية للتكافل الاجتماعي على المستوى الوطني وتحقيق التكامل بين الدول العربيه في مختلف المجالات بما فيها إعطاء الأولوية للعماله العربيه ، لا سيما وأن عدد السكان بالمنطقة العربية شهد ازديادا مطردا مع محدودية الموارد الطبيعية المتاحه وغياب التخطيط للموارد البشريه، ويشكل عنصر الشباب النسبه الاعلى من السكان الأمر الذي يحتم على الدول العربيه ايجاد بيئة صالحه لتنشئتهم وتأهيلهم وتوفير فرص العمل المناسبه لهم.
وتشكل ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة تحديا لعملية تحقيق الأمن الغذائي الأمر الذي يحتم على الدول إعطاء المناطق الريفية الأولوية عند إعداد البرامج التنموية والصحيه والتعليميه ، إضافة إلى الاهتمام بإنشاء بنى تحتيه ومرافق خدميه لسد احتياجات المواطن العربي في الأرياف للحد من هجرته
كما وأن الاستغلال غير الرشيد للموارد الطبيعيه وخاصة المائية والأرضية والطاقه يتطلب رفع مستوى الوعي والإدارة السليمه لتلك الموارد ،و تشجيع أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدام والتعاون والتكامل بين الدول العربيه للمحافظه على هذه الموارد واستغلالها بما يحقق التنمية المستدامة.
ويعتبر الوطن العربي من أشد مناطق العالم فقرا في الموارد المائيه فحوالي 75%من الدول العربيه تحت خط الفقر المائي ، ومن المتوقع أن تبلغ النسبه 90%بحلول عام 2030.
تشكل الحيازات الزراعيه الصغيرة والمتوسطة أكثر من ثلاثة أرباع ما يستثمر في الوطن العربي من أراض زراعيه ، ورغم ذلك فإن هناك ندره أو ضعف في إنتاجها. والوطن العربي يعاني من ندرة الأراضي حيث أن 54,8%من مساحته خاليه، وتمثل المراعي 26,8% والأراضي القابلة للزراعه 14,5% والغابات حوالي 3,9% وتمثل الأراضي المزروعه حوالي 29% من مساحة الأراضي القابلة للزراعه (4,2%من مجمل مساحة الوطن العربي) وتفقد الغابات في الوطن العربي ما معدله 1,6% من مساحتها سنويا. وتتدهور البيئة والموارد الطبيعيه والنظم الايكولوجية والتنوع الحيوي ومكافحة التصحر .
ويعكس التركيب السلعي للواردات الغذائية العربيه أهمية السلع الضروريه التي يصعب الاستغناء عنها أو التقليل من حجمها الاستهلاكي بسهوله مثل الحبوب التي تعتبر سلعه حساسه في نظام المستهلك العربي. وتحتكر مجموعه قليله من الدول والشركات متعددة الجنسيه أسواق الغذاء العالميه مما مكنها من امتلاك قوة التأثير والتحكم في أسعار السلع الغذائيه تزامنا مع ضعف القدرة التفاوضيه لدينا .
وتعد هشاشة الهياكل الاقتصاديه ،وضعف الانتاجيه، وتراجع الأداء الاقتصادي في المساهمه في الاقتصاد العالمي كذلك تحديا أمام تحقيق الأمن الغذائي العربي، ويضعف حجم التجارة بين الأقطار العربيه أمام حجم التجارة الخارجيه مع الدول المتقدمه، فالصادرات العربيه البينيه لا تشكل سوى 7,7%من الصادرات العربيه الاجماليه، وتشكل الواردات البينيه للدول العربيه ما نسبته9,5% من الواردات العربيه الاجماليه.
ويواجه صغار المزارعين ومتوسطيهم مشاكل تقلبات الأسواق، سواء في توفير مستلزمات إنتاجهم أو تصريف منتجاتهم وترافق ذلك مع ضعف المؤسسات الخدميه(البحث والإرشاد والتمويل والائتمان)ونقص في الكوادر المدربه وارتفاع أسعار الطاقه والقيود البيئيه والتقلبات المناخيه.
ولا زالت النظم التكنولوجيه التقليديه سائده ومتجذره في الزراعه في الوطن العربي
وزاد (الطين بله) استنباط سياسات زراعيه لم تتواءم مع مقتضيات التغير التكنولوجي .
و جاءت حزم السياسات الزراعيه التي طبقتها أكثر الدول العربيه غير مهتمه بالموارد المائيه .
أخيرا وليس آخرا لا زالت وزارات الزراعه في معظم البلدان العربيه غير قادره على وضع سياسه زراعيه حصيفه علميه واقعيه ،ولم تسع للتنسيق في السياسات الزراعيه القطريه في أطار استراتيجية تنموية زراعيه عربيه تدعم مسارات التكامل الزراعي العربي وتحقق غايات الاندماج الاقتصادي العربي وبالتالي يتحقق الأمن الغذائي في الوطن العربي.