منذ منتصف الأسبوع الحالي، تابعت زيارة الملك عبدالله الثاني إلى ألمانيا ثم إلى بلغاريا. كما تابعت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى هنغاريا (المجر) في نهاية الأسبوع.وحيث أن كل واحد منهما كان له أهداف يسعى إلى تحقيقها، فإنه واستنادا إلى التصريحات الإعلامية المتبادلة خلال تلك الزيارات، يمكن القول إن كلاهما قد حقق ما يريده سياسيا. الملك عبدالله في ذات الزيارتين إلى ألمانيا وبلغاريا كان خطابه السياسي واحدًا. جاء في عدة نقاط وهي : إدانة عودة العدوان على غزة. إدانة منع إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة. إدانة التهجير المستمر لأهالي غزة من بيوتهم داخل غزة. إدانة الاعتداءات على أهالي الضفة الغربية. رفض تهجير سكان غزة إلى خارجها . إدانة الاعتداءات على المقدسات الدينية في القدس. مع الدعوة لتسريع الدخول في هدنة جديدة وتنفيذ الخطة العربية لإعادة إعمار غزة. والتأكيد على الحل السياسي وهو حل الدولتين هو الحل الوحيد. استجابة لكلام الملك كان رد الرئيس البلغاري وكذلك رد المستشار الألماني في ذات الاتجاه. وهو تأييد التوجهات الأردنية كاملة.
2/4
على الجهة الأخرى نجح أيضًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الحصول على مكسب سياسي يتمثل في انسحاب المجر من المحكمة الجنائية الدولية. حيث كان السبب المعلن من رئيس وزراء المجر هو ذات السبب الأمريكي عندما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من المحكمة الجنائية الدولية. وهو أن المحكمة تتحرك وفق دوافع سياسية ضد إسرائيل. مع التذكير هنا أن رئيس الوزراء المجري كان قد أقام احتفالا بمناسبة فوز ترامب في الرئاسة الثانية نهاية السنة الماضية. سبق ذلك منذ عقود أن المجر قد اعترفت بإسرائيل منذ العام 1949م. نعم أن العلاقة بينهما قد قطعت في العام 1967م كون المجر كانت جزء من الكتلة الشرقية في أوروبا لكن تم استعادة تلك العلاقات بينهما في العام 1989م. يعزز ذلك أنه يعيش في المجر 47,500 يهودي. كما أن عدد اليهود المجريين الذين هاجروا إلى إسرائيل هو 53,000 يهودي.في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر، فإن المجر تدخل في خلاف دائمًا مع دول الاتحاد الأوروبي حول بعض التصريحات التي تنتقد إسرائيل. وفي الحرب على غزة منذ العام 2023م، فقد منعت المجر قيام أي مظاهرة ضد إسرائيل، منتقدة في ذات الاتجاه وجود مسيرات داخل عدد من دول الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل.
3/4
في التعليق على الزيارة الملكية إلى ألمانيا وبلغاريا، تجدر الإشارة هنا إلى أن الدولتين الاثنتين تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. حيث تعود العلاقة الدبلوماسية ما بين ألمانيا وإسرائيل إلى 1965م. ومع ذلك، فقد انتقدت وزيرة خارجية ألمانيا زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في ظل وجود طلب دولي بالقبض عليه وتسليمه للعدالة الدولية. أما العلاقة الدبلوماسية ما بين بلغاريا وإسرائيل فهي تعود إلى العام 1952م. نعم أنها شهدت انقطاع بسبب حرب 1967م لكنها عادت منذ العام 1990م. من هنا فإن الزيارة الملكية إلى ألمانيا وبلغاريا تأتي ضمن سلسلة زيارات متتالية مكثفة من فترة إلى أخرى منذ أن وقع الأردن مؤخرًا اتفاقية التعاون مع الاتحاد الأوروبي في الشهر قبل الماضي. في مقالة سابقة لي، وحينما تناولت توقيع اتفاقية الشراكة الأردنية الأوروبية، أشرت وقتها إلى اتساع المسافة بين إسرائيل من جهة، ومع العديد من دول الاتحاد الأوروبي. يعزز ذلك أن عدد دول الاتحاد الأوروبي التي اعترفت أو تنوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية وصل أو سيصل إلى 14 دولة من أصل 28 دولة، وهي عدد دول الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن الهدف السياسي الأردني من تكرار الزيارات إلى العديد من دول الاتحاد الأوروبي هو زيادة الدعم الأوروبي للموقف الأردني في دعم الشعب العربي الفلسطيني، من أجل ممارسة ضغوطات أوروبية على إسرائيل لوقف عدوانها على الشعب العربي الفلسطيني.
4/4
ختاماً، فإن الجهود السياسية الدبلوماسية التي يبذلها الملك عبدالله الثاني في جولاته الخارجية، وخاصة مع دول الاتحاد الأوروبي، هي جهود تهدف دوماً إلى زيادة حالة الإجماع الدولي التي تدعم حقوق الشعب العربي الفلسطيني. مع التأكيد على أن هذه الجهود الأردنية هي أكثر الجهود العربية المزعجة لإسرائيل، خاصة على الساحة الأوروبية.