النسخة الكاملة

لنتجرع مرارة الحلول الشافية بدلا من مسلسل معالجات لها مضاعفات!

الخميس-2022-09-01 12:13 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - د. خليف احمد الخوالدة

المستثمر الحالي يواجه عدة تحديات تجعله يتردد في التوسع في استثماره وكذلك المستثمر المحتمل يتردد في اتخاذ قراره بالاستثمار لاعتبارات بعضها انطباعية وبعضها موضوعية محقة.

سأتطرق إلى بعض الاعتبارات الموضوعية التي يجب دراستها ومعالجتها دون تأخير. 

الاعتبار الأول يتمثل في تغير الأولويات والاهتمامات، وهذا ينعكس على مختلف القطاعات مما يرفع منسوب الإحساس بالمخاطرة والتردد لدى من ينوي الاستثمار أو التوسع في الاستثمار. 

الاعتبار الثاني يتمحور حول الخوف من أن تغير المسؤولين قد يؤدي إلى تغيير في السياسات والإجراءات التحفيزية وبالتالي ما الضمان لهم من عدم تغييرها أو التراجع عنها، فما يهمهم ثباتها واستقرارها حتى لو كان نسيبا وحسب الاتفاق.

الاعتبار الثالث يتلخص بأن التفعيل والتطبيق الفعلي لهذه السياسات والإجراءات التحفيزية يعتمد على قدرة وقوة المسؤولين عنها، وتغيرهم قد يعرضها للمد والجزر خصوصا عندما لا يكونون بنفس السوية من حيث التمكن والتأثير.

الاعتبار الرابع يدور حول أن اهتمام المسؤولين يحون على اشده في البدايات بهدف استقطاب المستثمرين ولكن للأسف في حالات كثيرة ما يلبث أن يتراجع هذا الاهتمام مجرد البدء بتنفيذ الاستثمار، ففي البدايات المسؤولون هم من يبادر ويتابع المستثمرين ويحاولون تذليل أي عقبات ولكن للأسف هذا الاهتمام يفتر ويصبح المستثمر هو من يبحث عن المسؤول وكأن الهدف يتحقق مجرد تسجيل الاستثمار غير مدركين اهمية رعاية الاستثمار على المدى الطويل والذي يرتبط بما تجنيه الخزينة العامة من ايرادات سنوية ومستمرة من رسوم وضرائب وغيرها والأهم من ذلك تحريك لعجلة الاقتصاد وتشغيل لمختلف القطاعات وخلق لفرص العمل. ليس من مصلحتنا في شيء أن يكون الاهتمام بالأثر الفوري اللحظي المحدود مسيطرا مقابل الاهمال أو عدم الاهتمام بنفس الدرجة بالأثر الشمولي المستدام.

ندرك تماما أن الحكومة وأي حكومة تواجه تحديات كبيرة والخيارات أمامها محدودة وتضطر أحيانا كثيرة إلى تبني الخيار الذي يرافقه أقل الأضرار. 

ولأن الخيارات امام الحكومات قليلة، تلجأ دائما للمعالجات المرحلية وإدارة الموازنات بشكل سنوي متكرر وبصعوبة وذلك بالعمل على توفير - وبأي طريقة - مصادر لتمويل الانفاق. 

صحيح أن هذا النهج يعالج التحديات المرحلية والسنوية ولكنه للأسف يفاقم التشوهات ويولد المزيد من المعيقات ويجعل الحكومات كل مرة تبحث عن معالجات مرحلية بدلا من الحلول الدائمة.

لا ينتهي هذا المسلسل من المعالجات المرحلية المتكررة في محاورها واحداثها، ما لم نتجرع جميعا مرارة الحلول الشافية ونتحمل عناء ذلك لمدة عامين نتخذ خلالها حلولا دائمة. وبعد ذلك، فحركة الاقتصاد كفيلة بالقضاء على التحديات والفجوات والتشوهات تلقائيا حتى لو كان بشكل تدرجي لكنها حلولا مستدامة تكفينا شر السلسلة غير المنتهية من الترقيعات السنوية وسيناريو خذ وهات.

نعم لنتجرع مرارة الحلول الشافية مرة واحدة بدلا من مسلسل المعالجات متكررة المحتوى والأحداث والتي ينجم عنها الكثير من المضاعفات.

لا بد من الوقف التام لمسلسل المعالجات المرحلية والتوجه بحزم إلى تبني سياسات مجدية تنهض بالاقتصاد، ولكن هذا يتطلب ضبط الانفاق تماما والصبر والتحمل خلال فترة انتقالية حتى نبدأ نلمس عوائد هذه السياسات. 

أن ندفع تكلفة تبنينا للحلول الدائمة مرة واحدة أوفر علينا كثيرا اقتصاديا واجتماعيا وامنيا من الحلول المرحلية المتكررة التي قد تساهم في ضبط الأمور من جهة ولكنها بلا شك تفاقمها من جهة أخرى. وبعد كل مرة نجد التحديات في ازدياد واشتداد. 

لا يصح أن يتم تحليل وتشخيص الحالة الوطنية على محاور معينة دون غيرها ولا التعامل معها بالقطعة أو بالمحور وبمعزل عن السياق العام، فالتحليل الشمولي يقود إلى حلول شمولية متزنة تضبط التوجهات والخطوات. وهذا يضبط الايقاع ويوجه التحرك والفعل العام وبالنتيجة يُضاعف النتاج ويرفع جودته.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير