النسخة الكاملة

باص وصفي التل و"سكوتر النواب" !

الخميس-2022-08-06 08:38 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - عبدالحافظ الهروط 

ليس للمقارنة، فالمقارنة ظالمة وفاضحة ومفضوحة، عندما نأتي على أفعال الشهيد وصفي التل، وأقوال مسؤولين، ظلموا المسؤولية، وظلموا الوطن، ولكن !.
أجلسَنا، نحن ثلة من طلبة الجامعة الاردنية، رئيسها د. عبدالسلام المجالي، في " اللقاء المفتوح"، وكان شهرياً، يناقش  فيه مع المشاركين أموراً دراسية وتربوية، ويبحث معهم في حلولها، ثم يُعرّج الى قضايا وطنية.
كما كان المجالي يسرد - بين حين وآخر-قصصاً تجلّى فيها، الراحل التل " أخو عليا"، ورجالات كانت قلوبهم على الوطن، وسيوفهم وبارودهم مشرعة ومصوّبة على من عاداه وعادى الأُمة وقضيتها الاولى فلسطين.. فكان أُردن الأمس. 
يقول المجالي، كان وصفي، يرحمه الله، يحرص على تنمية المناطق التي تقع خارج عمان، ولاهتمامه بها، ظل يعقد بعض جلسات مجلس الوزراء في تلك المناطق التي تمثل الألويةوالمحافظات (اليوم)، متيحاً الفرصة للقاء ممثليها مع الحكومة، والاطلاع على احتياجات المواطنين. 
في مثل تلك الزيارات، أمر وصفي بأن تكون المركبة التي تقل الوزراء، إحدى الباصات الحكومية، وكان الهدف ، توفير الوقود، وإشعار المواطنين بأن  الحكومة قريبة منهم.. (انتهى الاقتباس).
دارت الأيام، وتولى المجالي رئاسة الوزراء، ولم أره سوى مرة واحدة، وقد زار وزارة الشباب التي كنت منتدباً اليها من وزارة التربية والتعلم، وكانت زيارة  قبل بدء الدوام الرسمي، مرتدياً " بدلة سفاري"، وأذكر أنه تحدث عن المرافق الشبابية ودور الشباب، والتقشف في الإنفاق الحكومي.
بعد خروجه من حكومته الثانية، التقى شباباً من فئة ١٤ - ١٦ عاماً، ولأول مرة، أشاهد المجالي منزعجاً واسمعه وهو يرتفع صوته، فقد كان اللقاء ساخناً، والأسئلة قد اجتازت الخطوط الصُفر والخُضر والحمُر، وكل الألوان.
بعد الانتهاء من اللقاء، رافقته الى مكان الاستراحة، وعبّرت له بما شاهدت وسمعت، فقال : ياااا إبني أنا لا أُريد أن تكون معلومات هذه الفئة، والشباب، بشكل عام، معلومات غير دقيقة، و" أنا بعرف مين اللي لقّنهم الأسئلة" وذكره بالإسم، ووصفه بـ" إبليس".   
زرته ذات يوم، بمكتبه في جمعية الشؤون الدولية، التى أسسها مع رجالات سياسيين واقتصاديين وأكاديميين ومتقاعدين عسكريين ومدنيين، وتناولت معه الحديث بأمور شتى، وقد ذكّرته بحديثه -لنا طلاب الجامعة- عن وصفي، وقصة الباص، فقال "وصفي رجل استثنائي لن يتكرر"، لقد حاولت في حكومتي أن أعمل بما عمله وصفي في هذا الجانب الرسمي، وقد نجحت في المرة الأولى، الا أنه وبعد انتهاء الزيارة، أخطرني الوزراء بخطورة مثل هذه الزيارة فيما لو تكررت، كونها تقلّهم جميعاً، فماذا، لو حدث حادث لا قدّر الله؟ ويقول المجالي، مازحاً "أقنعوني فعلاً، وأعْتَرِف انْهم ضحكوا عليّ العكاريت".. انتهى الاقتباس.
اليوم، يطل علينا بعض النواب، وقد عجز مجلسهم الموقّر ، عن مجرد التفكير بإيجاد حل مع الحكومة، ليقنعواالمواطنين به ويساعدهم على قضاء بعض حوائجهم في حياتهم، ويخفف من ضنكهم اليومي.
 يطلّون وهم يمتطون صهوة "السكوتر الأصفر" ليكون حلاً في تخفيف كلفة البنزين ، والحد من الأزمة المرورية، حيث كانت الأنظار  تتجه من قَبْلَهم، الى الباص السريع، وما أكثر الباصات، ومعها تزداد الاختناقات، فما هو الحل يا أوصياء على عقول الناس ؟!