جفرا نيوز -
جفرا نيوز - لماذا قناة "بي بي سي” ولماذا الآن؟ هذا سؤال كرّره مراقبون سياسيون في الأردن وهم يحاولون فهم الحركة الإعلامية الذكيّة التي قام بها رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، بعد صخب صهريج العقبة والغاز السام وعلى هامش عطلته المعلنة بمناسبة عيد الأضحى عبر مقابلة فيها الكثير من السياسة والعمق في التحليل والإجابة على بعض التساؤلات مع النسخة العربية من بي بي سي.
الخصاونة هنا قرّر التحدّث بالملفات السياسية، وأجاب بشفافية على الكثير من الاسئلة وظهر بأن حكومته على الأقل تمسك بتلابيب الملفات الإقليمية المطروحة ولديها اجابات على كل الاسئلة، علما بان الرئيس الخصاونة من الذين لا يحبون الاعلام كثيرا و ظهر عدة مرات خلال عام ونصف فقط عبر وسائل الاعلام والانطباع العام عن حكومته انها لا تظهر بشخصية سياسية وتركز على الملفات والمشكلات والتحديات والاولويات محلية الطابع.
لكن مع بي بي سي، تحدّث الخصاونة بإجمال عن كيفية تفكير مطبخ حكومته في الملفات التي طرحت اسئلة بخصوصها ومن بينها الخطوة التالية في برنامج مشروع التحديث السياسي وطبيعة جوهر الإشكال في العلاقات السياسية مع الجمهورية الإيرانية حصرا وبطبيعة الحال المملكة الأردنية بخصوص ملف عملية السلام والقضية الفلسطينية.
وقد يكون المعطى الأهم في تلك المقابلة هو توضيح مباشر وفيه الكثير من الاستدراك السياسي لطبيعة الحساسية في علاقات الأردن بإيران، خصوصا وأن التصورات الأمنية الإقليمية تتزاحم بقوة على الطاولة الآن عشيّة انتظار المنطقة لزيارة مهمة وأساسية ومفصلية للرئيس الأمريكي جو بايدن سيقوم بها ويلتقي خلالها بزعماء المنطقة قريبا.
في المسألة الإيرانية تحديدا، يبدو أن علاقات الأردن كانت مشتبكة تماما بسبب اتهامات وردت في بيانات رسمية أردنية تتحدث عن دور مجموعات مسلحة في سوريا وممولة ايرانيا في توجيه ما يسميه الجيش الأردني بحرب المخدرات على الشعب والمملكة.
هنا ألمح الخصاونة مجددا لتلك الحرب، وقال إن بلاده تتصدّى لكل محاولات الاختراق والتسلل، لكن الأهم أنه لم يوجه اتهاما مباشرا لطهران في هذا السياق وبدا واضحا أن الخصاونة باسم حكومته والمملكة يوجه رساله ناعمة للإيرانيين قوامها قناعة بلاده أو مطبخ القرار في بلاده بأن الأمن القومي الأردني لا يهدده الإيراني على أي نحو من الأشكال، وبذلك إنتاج لانطباع جديد كان الانطباع عبر بعض الاقلام ومؤسسات الاعلام معاكس له، حيث قال رئيس الوزراء الاردني بوضوح إن إيران لا تهدد الأمن القومي الأردني ولا تُعتبر من مصادر التهديد برأي بلاده.
وتلك مسألة تعني بأن الخلاف مع إيران عندما يوجد هو خلاف سياسي ودبلوماسي، وعلى الأرجح كما أوضح الخصاونة له علاقة بتدخّلات الإيرانيين ببعض دول الجوار العربية وبمصالح الدول العربية التي يعتبر الأردن أمنه من أمنها وتحديدا الدول الخليجية التي يُمكن أن تتضرّر جرّاء تدخّلات إيرانية.
ولأوّل مرّة تقريبا يُعبّر أحد المسؤولين رفيعي المستوى في عمان عن رغبته بفتح صفحة حُسن جوار مع إيران، حيث أكد الخصاونة بأن بلاده بانتظار تطورات ايجابية في العلاقة مع الايرانيين، مشيرا إلى أن علاقات بلاده مع الجمهورية الإيرانية معقولة إلى حد ما جيدة، وهو مع حكومته بانتظار تطوير هذه العلاقة على النحو الإيجابي مُتأمّلًا بأن تخف التدخلات الإيرانية في بعض الدول العربية المجاورة، والتي يعتبر الأردن أمنها من أمنه شخصيا وبالتالي كانت تلك بلسان الخصاونة وعبر قناة بي بي سي الناطقة بالعربية واحدة من الرسائل المهمة التي تحاول انتاج صورة متوازنة ومعتدلة لصدام سياسي مع الايرانيين، وهو في الأصل بلغة الحكومة بمستوى الخلافات السياسية فقد قال الخصاونة إن بلاده لها ملاحظات على تعامل إيران مع بعض ملفات المنطقة.
وهذا يعني خلاف سياسي وليس صدام لا في العراق ولا في سوريا، بالرغم من تضرر مصالح الاردن في البلدين بفعل الضغط واللوبيات الإيرانية، لكن ما لم يوضحه أو يشرحه الخصاونة هو الأسباب التي تمنع بلاده من تسمية وتعيين سفير لها في طهران ومن تمكين السياح الإيرانيين الشيعة من زيارة بعض المقامات والأضرحة في جنوب الأردن.
وكل تلك بطبيعة الحال مسائل مرهونة ببقاء الخلاف السياسي قائما وبالتعامل الأردني مع الملف الإيراني .باعتباره ملف أمني وليس سياسي بالمقام الأول.