النسخة الكاملة

السقرات تكتب:"المدينة المحصّنة"

الخميس-2022-06-17 08:50 pm
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - د. بتي السقرات/ الجامعة الأردنية 

كركُ الطيبّين كانت مُقامــاً للنّدى ،والفِدا، وتَبقى الُمقاما
في الجنوب شموخ تتنفسه بمجرد مرورك في طريق صحراوي يفصل ازدحام العاصمة و انحباس الروح إلى فضاء رحب وتشعر أنك عدت إلى زمن كانت فيه بلادي تتنعم  بثروات أرضها.

فإذا سرت للكرك تجد في دخولك مهابة بتاريخٍ يفوح كالعطر و شخوص ذكرها كالهيل وأهالي قلوبهم ناصعة البياض  ووجوههم تعكس تاريخ وطن.
في الكرك تاريخ مبهر يبدأ بمملكة امتدت من الجوف إلى الشام وكانت ركيزة في تاريخنا الإسلامي بغزوة كانت الأولى خارج الجزيرة العربية ومن ثم كانت القلعة ذات الأهمية المميزة للجيوش الصليبية والإسلامية على حد سواء.
وإذا أردت أن تتحدث عن السياسة فهنالك الهيّة التي كانت أمثولة في رفض الدنيّة بالتخلي عن عادات وتقاليد أصيلة وكانت ثورة واعية عندما شمل الجهل كافة الأقطار، وكانت ثورة الخبز تنطلق من الكرك لتجلب للبلاد ديمقراطية كانت عصيّة على أن تُطلب.

ومدرسة الكرك كانت قديما منارة علمية للجنوب والآن تجددت بمؤتة التاريخ لتكون سراج هدى منذ القدم.

وسياسيا كانت الكرك ركناً أساسياً منذ أوائل مراحل تأسيس الدولة برجالات أفذاذ من أمثال ابراهيم باشا الضمور وحسين باشا الطراونة وقدر باشا المجالي ومن بعدهم حابس باشا المجالي وهزاع المجالي وحديثا سائد المعايطة ،معاذ الكساسبة والكثيرين من رجالات سطروا تاريخاً مجيداً.

وفي الكرك التي تفاخر بنسائها؛ سيدات وقامات مثل خضرة المدادحة التي حرّضت على ظلم الأتراك والشيخة عليا الضمور التي فدت السمعة بإثنين من أبنائها ماتا حرقاً حينما شدت من أزر زوجها الشيخ إبراهيم صائحةً: (النّار ولا العار يا إبراهيم، الأولاد يعوِّضنا الله عنهم، ولكن العار لا يزول)،وبندر المجالي أم حابس وغيرهن من سيدات لم يخذلن وطنهن وحديثا يوجد فتيات مثل أدما زريقات والدكتورة تقى المجالي والكثير من اللواتي يناضلن من أجل حقوق يستحققنها ويعتبرن أمثلة طيبة على طيب معدن الكرك و أهلها. 

الكرك نبض الجنوب وفيها من الجمال ما لا يمكن حصره في سطور فالكرك أسطورة ويحق لها أن تخلّد بملحمة أردنية كما في الإلياذة.

ها أنا اليوم برفقة زملائي في الكرك ضمن إرادة أرادها سيد البلاد جلالة الملك لتحفيز الشباب لخوض تجربة حزبية جديدة لنصنع مئوية أخرى ديمقراطية فاعلة شعارها المساواة وديدنها سيادة القانون فوجدنا الأهل والعزوة في "خشم العقاب" يستقبلون إرادة خير استقبال.

فسلام على الكرك التي قبلت النار ورفضت العار وسلام لأهلها ولكل من عاش ومر فيها.