النسخة الكاملة

الرؤية على سكك التنفيذ وتصريحات نيابية دبت الرعب باوصال المستثمرين بطرح تأميم قطاع الطاقة

الخميس-2022-06-12 03:19 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - حزمة أسباب ومبررات سياسية وبيروقراطية لا بل لها علاقة مباشرة بالعقيدة السياسية الجديدة في إدارة المشهد الأردني تدفع إلى الاعتقاد العام وأيضا الخاص بأن لا مجال لأي إخفاق بعد الآن على مستوى تنفيذ وثيقة تحديث المنظومة الاقتصادية. وهي وثيقة نتجت عن حوارات مكثفة لأكثر من شهرين بمشاركة نحو 500 خبير كما أعلنت الإدارات الإعلامية الرسمية وحظيت بمباركة مرجعية وملكية في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة انها جاهزة للتنفيذ والاستجابة وفورا.

سلسلة الأسباب تلك تبدأ من عند القناعة في العديد من أوساط القرار بأن تنفيذ تحديث المنظومة السياسية يعني بداية مرحلة جديدة وفتح صفحة مختلفة عن صفحات الماضي على أمل استعادة منسوب ثقة الرأي العام بالخطاب الرسمي عموما.

بمعنى ان هذه الرؤية الاقتصادية وبصرف النظر عن وصف بعض الخبراء الأساسيين لها بانها طموحة جدا وأكثر مما ينبغي أو انها غير منطقية وغير واقعية تحتاج الإرادة السياسية التي تجللها إلى إرادة تنفيذ حقيقية على أرض الواقع، لأن مصداقية خطاب الدولة اليوم مرتبطة بها ولأن الرأي العام تعامل بحذر شديد وملموس مع متطلبات ونصوص وثيقة الرؤية الاقتصادية الجديدة.

وبمعنى سياسي آخر لا بد من التوقف عند نجاح الرؤية الاقتصادية الجديدة على مستوى التنفيذ مسألة لم تعد بين سيناريوهات الخيارات المحتملة، فالنجاح إلزامي هنا لأن مصداقية الدولة مرتبطة بالمسألة ولا مجال حتى لإخفاق نسبي، لان المسائل واضحة في التفاصيل، فالحوار حصل والحكومة في الاستجابة ومجلسا الأعيان والنواب حضرا التفاصيل، والحوارات جرت بمشاركة جميع الأطراف، والنصوص واضحة والأسقف الزمنية محددة وآليات الرقابة تبدأ من عند الملك شخصيا وتنتهي عند المواطن. لا مبرر لأي اخفاق لأن الكثير على المحك اليوم ولأن كلفة عدم نجاح تلك الرؤية الاقتصادية المكتوبة والتي بثت للجمهور أكبر بكثير على الدولة قبل الناس من كلفة تجاهلها.

بصورة مربكة تعرضت الرؤية الاقتصادية لعدة ضربات مفاجئة أو على حد تعبير مختص وخبير اقتصادي بارز تحدث
إلى «نيران صديقة» وبصورة تبعث على الارتياب، الأمر الذي لا بد من التوقف عنده بنظرة عميقة جديدة للتوثق من ان جميع مؤسسات وأجهزة ونخب الدولة والقرار في حالة توافق خلف تلك الوثيقة بعدما تقرر ان تكون عابرة للحكومات وشكلت حلا للعديد من الإشكالات التي لاكتها الألسن طوال عقود.

لا توجد آلية محددة لإختبار التزام الجميع بالرؤية الإصلاحية الملكية الجديدة ولكن أدوات القياس ووفقا للمعلومات ستكون قاسية، وما حصل ان بعض الإشارات ظهرت في الاتجاه المعاكس للمطلوب من أهداف تم تحديدها.

والنيران الصديقة بدأت بالنسبة للمختصين والخبراء عندما تبنت اللجنة المختصة بملف الطاقة في مجلس النواب توصية تدعو إلى تأميم قطاع الطاقة وكلمة» تأميم» هنا تثير رعب المستثمرين والاستثمار ولا يمكنها ان تكون جزءا من أي خطاب له علاقة بمستقبل الاستثمار وفقا لما نصت عليه الوثيقة المقصودة خصوصا وان رئيس لجنة الطاقة في البرلمان كان قد حضر الفعاليات وشارك بحوارات ورشة العمل التي استضافها الديوان الملكي ويعرف تمام المعرفة حجم تأثير أي كلام في الاتجاه المعاكس الآن.

صنف الجدل الذي نتج عن تصريح مثير لوزير الداخلية مازن الفراية تحدث فيه عن 4 رفعات وشيكة خلال أشهر لأسعار المحروقات باعتباره جزءا من الحالة الضبابية.

ومن تلك الحالة الحكومية التي تثير التساؤلات أكثر ما تقدم للأردنيين أجوبة رغم ان وثيقة مرجعية اقتصادية موجودة الآن ويمكن لجميع المسؤولين كبارا وصغارا البدء بتدشين حالة التزام حقيقية بنصوصها كما يحصل في دول صديقة ومجاورة كثيرة يلاحظ الجميع انها بدأت تقفز إلى الأمام فيما يتراجع الأردن اقتصاديا ليس على مستوى التخطيط فقط، ولكن على مستوى المكاسب والتموقع الإقليمي وإدارة الموارد الحقيقية.

حتى رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة انتبه مبكرا وخلال حفل إشهار الوثيقة والرؤية في البحر الميت إلى تلك المقولة التي تتحدث عن ان الكرة في مرمى الحكومة فقط، مشيرا إلى ان الكرة في مرمى الجميع هذه المرة فيما يرى مراقبون خبراء بان الوثيقة عبارة عن إطار نظري وحزمة توصيات، والحكومة في الاستحقاق الدستوري هي الطرف الذي ينبغي ان يتولى عملية التنفيذ. وبالتالي الإحساس السياسي العام في الأردن اليوم بان أهمية وحساسية مسألة التنفيذ والحرص على استعادة أي نسبة من مصداقية الخطاب الرسمي عند المواطنين هما هدفان أساسيان يتطلبان الآن أو قد يتطلبان قريبا جدا نفض الغبار عن ملف النخب والأدوات والطبقة السياسية .

ونفض الغبار عن ملفات الطاقم الحالي الذي يدير الأمور وكيفية التعامل مع الاستحقاقات والتداعيات وخلال أيام قصيرة ليس لأن التعديلات والتغييرات هي المطلوبة أو تعني شيئا كبيرا بالعادة، ولكن فقط لأن أول خطوة في بناء مصداقية للرؤية الاقتصادية الجديدة هي تلك التي تظهر مع اختيار الأدوات التنفيذية الصحيحة القادرة على اتخاذ قرارات وخطوات.
وتلك مسالة بطبيعة الحال تعني الكثير.

القدس العربي