النسخة الكاملة

الوزير الفراية .. لنا بمن حولنا عبرة

الخميس-2022-06-09 01:02 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - عمر المحارمة

لم يكن وزير الداخلية مازن الفراية موفقا فيما قاله قبل أيام أمام مستثمرين بمدينة الحسن الصناعية، وتصريحاته التي أطلقها هناك تعيد إلى الأذهان عقلية بعض المسؤولين الحكوميين والأمنيين الذين قادوا بلادهم إلى الفوضى بسبب اعتقادهم أن التخويف قد يمنع حركة الشعوب إذا انطلقت من عقالها.

بدل التخويف والتلويح بمنع أية تحركات قد تحدث لمواجهة سلسة الارتفاعات المتوقعة على أسعار المشتقات النفطية يفترض أن تنتهج الحكومة سياسة الشفافية وإطلاع الناس على الحقائق، فالأردنيون آخر من يريد أن يرى اضطرابًا في الشارع، لكنهم مغلوبون على أمرهم وهم يلاحظون عجز الحكومة في مواجهة الغلاء المستعر لكل شيء.

ملف أسعار المشتقات النفطية ضبابي وغامض، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية إلى هذا المستوى التاريخي غير مبرر من وجهة نظر الشارع الذي يستذكر أن أسعار النفط عالميا بلغت قبل ما يزيد على عشر سنوات ارتفاعات أكبر مما هي عليه حاليا، ومع ذلك لم تبلغ أسعار المشتقات محليا هذا المستوى من الارتفاع..

الفراية شخصية عسكرية مقربة من الناس ولا ينتمي للطبقة المخملية التي قاد رجالها البلاد إلى ما هي عليه، والناس تراه "ابن بلد" وهذا يؤهله من موقعه كوزير للداخلية أن يشكل حلقة وصل ما بين الحكومة والشارع، تمتص أي تحرك متوقع، لكن لجوءه للتخويف والوعيد ينزع عنه هذه الصفة ويضعه في برج بعيد عن الشارع.

مبررات الحكومة في رفع أسعار المشتقات النفطية غير منطقية، والناس لا تعلم حقيقة الوضع المالي للدولة والأسلوب الأفضل والأنجع لمواجهة المخاوف من تفجر الشارع يتمثل بالانفتاح على الناس ومصارحتهم ووضعهم بصورة الظروف التي نعيشها، وقبل كل ذلك أن يلمس الناس تحركا ناجعا لضبط الانفلات الحاصل في أسعار السلع الذي طال كل شيء دون أن تتمكن الحكومة من فعل شيء.

المواطن الأردني مواطن واعٍ ومنتمٍ ويخاف على بلده أكثر من خوف المسؤولين أنفسهم، ولا توجد أية بوادر لحراك في الشارع لكنّ الأوضاع المعيشية بلغت مستويات صعبة والناس بدأ يتشكل لديها خوف لم تعتد عليه وهو الخوف على "لقمة العيش"، لكنهم يشعرون أنهم وحدهم من يدفع ثمن سياسات الحكومات وتجاربها الفاشلة حكومة بعد حكومة، والأهم أنهم يرون مستوى من البذخ في أروقة الوزارات والمؤسسات، فمن يشاهد مثلا سيارات الوزراء ومكاتبهم لا يصدق ما نحن فيه من ظروف صعبة.

مرة أخرى وأخيرة، الاقتراب من الناس والمكاشفة والوضوح والعمل الجاد هي السبيل الوحيد لامتصاص حنق الشارع، أما التخويف والتلويح به فلن تقودنا إلى ما نريد من استقرار، ولنا في تجارب دول من حولنا العبرة، حيث كان تخويف الناس وقمعهم سببا في تفاقم الأوضاع لا ضبطها.