النسخة الكاملة

الفريق الاقتصادي صامت حول ازمة الاسعار وبرلمان «خارج التغطية» وأحزاب تتكلم

الخميس-2022-06-06 01:15 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - قد لا يكون الاقتراب تحت لافتة أحزاب المعارضة من استغلال الضائقة الاقتصادية التي يمر بها الأردن حكيماً أو منتجاً، لكن على الحكومة في المقابل المبادرة منعاً للتأزيم إلى تحريك نشط من أي صنف تحت عنوان رد ذريعة أحزاب المعارضة أو قوى الحراك عندما تتربص.

أسوأ ما يمكن أن تفعله أحزاب وقوى سياسية في الظرف الإقليمي المعقد مرحلياً هو التنظير والتحشيد للاستثمار في أزمة كونية في الواقع، وهي أزمة بمعيار وزير بارز في الحكومة الأردنية عالمية الطراز وتأثيراتها على الجميع دون أن يعني ذلك الاستسلام لتفاصيلها.

في المقابل، أسوأ ما يمكن أن يصدر عن طاقم اقتصادي حكومي وزاري هو الصمت والتلاعب بالعبارات والتصريحات، واستمرار الحكومة في التعامل مع المواطن الأردني كأنه غير موجود دون سردية مقنعة لا تقف عند حدود فرض القرار أو مناكفة الناس، بل تشرح بالتفصيل ما يجري، وتشعر المواطن الأردني الفقير والمحتاج أو ذا الدخل المحدود على الأقل بأن جهة ما في مراكز القرار تسمع صوته ومعنية به.

لا يتعلق الأمر بالشرح أو التفصيل فقط، فالسلطات المختصة حتى برأي كبير تجار العاصمة عمان، خليل الحاج توفيق، يفترض أن تتجه لمقاربة راشدة وعقلانية سيقابلها المواطنون بحكمة وتقدير إذا ما أظهر المسؤولون أي قدر من الشغف بتلمس أوجاع الناس والقطاع التجاري.

يستفسر الحاج توفيق عن مبادرات طمأنينة ممكنة وبعدة سبل لحماية المواطنين الأضعف مالياً واقتصادياً يفترض أن تتبناها الحكومة عبر حزمة خاصة لذوي الدخول المحدودة تساعدهم في احتواء آثار موجة الارتفاع الحاد بالأسعار. 

ويعلم الحاج توفيق وغيره من الخبراء بأنه ليس كل ما يقال على منصات التواصل أو في الشارع أو أحياناً في أدبيات شعبوية صحيح ودقيق.

ويلاحظ أن الدولة الأردنية ومؤسساتها تجتهد بمهنية للاحتواء، لكن الشروحات والمقابلات ينبغي ألا تقف عند هذه الحدود، وثمة ما هو ممكن للإحاطة به والتفاهم عليه حتى تعبر موجة ارتفاع الأسعار وفواتير كلف الشحن والنقل بأقل الأضرار على الجميع، حيث لا بد من شراكة وحوار معمق على طاولة واحدة.

عملياً، عندما يخفق الطاقم الوزاري في الشرح والتفصيل ويلقي في المناخ العام وسط الشارع والمواطنين بروايات منقوصة أو غير مقنعة، تقتضي قوانين الفيزياء السياسية بأن تحضر أحزاب وأطياف المعارضة لملء فراغ الرواية الحكومية.

 وعندما تجتهد موظفة رسمية في تخويف الأردنيين وإبلاغهم مسبقاً بأن المزيد من موجات رفع أسعار المحروقات ستأتي تباعاً، تحصل نفس النتائج المعاكسة. 

وتلتقط جبهات معارضة ما هو جوهري في المسألة لتعيد إنتاج واستهلاك الحديث عن نهج الأسعار، مع أن قادة الأحزاب السياسية يعلمون علم اليقين بالرغم من وجود نواقص فادحة في الروايات الحكومية، بأن نهج الأسعار لا يتقرر بمعزل عن الاعتبارات الإقليمية والعالمية وبمعزل عن موجات الغضب والاحتقان وأيضاً موجات التلاعب وكلف وفواتير النقل والشحن بعد الفيروس كورونا وفي ظل أزمة البحر الأسود العسكرية.

يقرأ من يدعون إلى حراكات في الشارع هذه المعطيات، لكن بعيداً عن سياسات ملء الفراغ أو الاستثمار السلبي في أزمة لها علاقة بضائقة معيشية هذه الأيام، يمكن القول بأن الإصرار على تحييد مجلس النواب وإخراج مؤسساته من دائرة الفعل والتأثير في القرار الحكومي وتشويه سمعة نواب الأمة هي السياسات القاصرة التي ستؤدي بالمواطنين للجوء إلى الشارع.

لأن مصالح المواطن الأردني المعيشية الآن مرتهنة ما بين نائب، تسطو على صلاحياته الدستورية الحكومة، ووزير يفضل عدم التحدث لوسائل الإعلام وتجنب الشرح حتى يعزل نفسه عن أي تأثيرات سلبية ناتجة عن الاحتكاك بالناس ومصالحها.

صمت الطاقم الوزاري وكلامه السلبي في بعض الأحيان ثم عزل النواب يعني بأن الشعب سيلجأ لأحزاب المعارضة.

ويعني أن فرصة السردية الرسمية حتى وإن كانت منطقية، قد لا تخدم الرواية المطلوبة بقدر ما تخدم قوى الحراك الشعبي الحائرة وأحزاب المعارضة السياسية التي تحاول ركوب الموجات ومعالجة الكثير من إشكالاتها الداخلية عملياً عبر التصعيد في لهجة الشارع.

المواطن الأردني البسيط في هذه الحالة وهو يتطلع يومياً إلى مقاربة تحمى دولته ومؤسساته وتوفر له الحد الأدنى من الكرامة، وقع أسيراً لا بل اختطف لصالح هذه المعادلة الغريبة، وقوامها صمت الحكومة وسلبية مؤسسات التمثيل البرلمانية مع وجودها خارج التغطية، فيما تأتي المنظومة الأمنية للبلاد وهي تتحمل فارق هذا التقصير وفارق ما يحصل من مؤشرات سلبية على مستوى الشارع.

تلك مسألة تتكرر في إدارة المشهد الأردني، وبالتالي لن نستغرب جميعاً إذا ما شاهد المشاركون في ورشة عمل البحر الميت لإطلاق الرؤية الاقتصادية الجديدة أصواتاً صاخبة بالقرب منهم في الشارع عمان يوم الجمعة المقبل تعترض وتحتج وترفع الصوت عالياً، لأن الأسعار ترتفع في النهاية فعلاً، ولأن الحكومة لا تحمي أو لا توفر برامج حماية لذوي الدخول المحدودة حقاً، وأيضاً لأن أحزاب المعارضة ينبغي أن تفعل شيئاً ما دامت موجودة.


القدس  العربي