النسخة الكاملة

رسالة من تحت اللثام

الخميس-2022-05-05 07:50 pm
جفرا نيوز -


جفرا نيوز- بقلم : علي قواقزة

        بسم الله الرحمن الرحيم

بعد الحمد لله، والثناء علي فضله ونعمه، والصلاة على نبيه وخير خلقه، ابدأ هذه الرسالة الموجهة مني الى اخواني رؤساء بلديات الوطن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه مفتتحاً إياها بالتحية لكم جميعاً ومباركاً لكم ومهنئاً كلاً منكم لفوزه بهذا السباق الوطني بامتياز لقيادة مؤسسات اصبحت هي وحدها على الساحة الاردنية القادرة على تلمّس حاجات المواطنين وتحقيق جزءاً منها إن لم يكن جلّها، مسهمةً بذلك بتحقيق السلم والأمن المجتمعيين في ضلِّ ظروفٍ وصلت معها سعةِ صدور الكآفةِ إلى ادنى حدودها نظرًا لعجز باقي مؤسسات الدولة عن تقديم الحد الادنى مما هو مطلوب منها.
إذ ان البلديات هي وحدها تمثل الماكينة الوطنية على امتداد أرض الاردن الطهور في تحقيق وإنشاء البنى التحتية، والتوسع في التنظيم العمراني، والتخطيط للمدن الذكية، والقيام بكافة اعباء الملف البيئي الوطني، وقيادة القطاع التنموي لجلب المشاريع وخلق الفرص، والرائدة في تحقيق الفعل الثقافي المحلي ورسم ملامح الهوية الثقافية لمدنها وبلداتها، في وقتٍ عجزت به الوزارات الكرتونية كوزارة الثقافة ووزارة البيئة عن القيام باي جهدٍ او دور في خلق مشروع ثقافي او بيئيٍ واحد يسهم في ترسيخ ثقافةٍ مجتمعية ووعيٍ جماعي تجاه بيئتنا وباقي مقدراتنا الوطنية التي تهدر امام اعيينا نتيجة لتهاوننا وعدم وعينا بأهميتها وربما يصل الامر الي تراجع قيم الانتماء لدى الكثير منّا.
كما ان البلديات اصبحت من اهم النوافذ ان لم تكن الوحيدة المطلة على مجتمع الهيئآت الدولية والجهات الداعمة من خلال القدرة على التشبيك وخلق التشاركية وانجاز مسودات لمشاريع ناجعة قابلة للتحقيق وتعكس أثراً على الواقع قادرة على كسب تأييد المجتمعات المحلية، في وقتٍ فقدت به هذه الجهات جميعها الثقة بالتعامل او التنسيق مع مؤسسات الحكومة بمختلف مستوياتها بسبب الترهل والغش وعدم وضوح المشروع وغياب المنهجية السليمة في التعاطي مع المانحين سواءاً كانوا برلمانات او حكومات اوهيئات دولية.
أيها الاخوة : انتم مقبلون على مرحلةٍ هي المفصلية في تاريخ البلديات، وتعتمد على بصيرتكم قبل بصركم، وعلى وعيكم وتفكركم قبل حماسكم، عليها يتوقف الإنتقال بها قُدما باتجاه رفع قدرتها على الصمود والتغلب على التحديات وممارسة دورها علي أكمل وجه، او النكوص بها الى ماضٍ  غابر مثقل بالدين والترهلات المعيقة لادائها، مما يجعلكم منشغلين بترميم وترتيب ملفاتكم الداخلية عن القيام بدوركم كقادة لمؤسساتكم ومجتمعاتكم ويثنيكم عن السير قدماً في تحقيق اهدافكم وبرامجكم.
ان استقلالية البلديات مالياً وادارياً وفقاً للأُطر التشريعية يقتضي بالدرجة الاولى حصولها على مستحقاتها كاملة من عوائد المحروقات المتمثلة بنسبة واضحة ومحددة بالقانون من اجمالي الفاتورة النفطية والضرائب المترتبة عليها، وحصتها من رسوم ترخيص المركبات في مختلف دوائر ترخيص السواقين والمركبات علي امتداد المملكة، وما يترتب لها من مخالفات السير التي تُحصّل وتجبى من قبل أمانة عمان الكبرى بالوكالة مقابل نسبةٍ لصندوق الامانة متفق عليها بموجب الأتفاقيات البينية والبالغة ١٠٪؜ من قيمة ما يُحصّل. حيث ان هذه الموارد تبنى عليها بنود الموازنة السنوية لاية بلدية بالإضافة لما تحصله البلديات مباشرة لصندوقها من رسوم وضرائب وعوائد مختلفة، والتي تودع مباشرة في حساباتها المختلفة لدي بنك تنمية المدن باعتباره المصرف الوحيد الذي يجوز للبلديات فتح الحساب او اجراء التداولات المالية به.
وعطفاً على ذلك فان البنك يستطيع كشف حساب اي بلدية لغايات الرواتب والمصروفات الضرورية تحت مسمي الحساب المكشوف _ اي صرف المستندات والفواتير وأوامر الدفع الصادرة عن البلدية للغايات اعلاه دون توفر رصيد لهذه البلدية في الحساب _ بشرط انت تكون هذه الاموال المسحوبة على المكشوف مضمونة بما للبلديات من اموال لدي الحكومة لم تورد بعد والمتمثلة بحصصها من عوائد المحروقات او رسوم ترخيص المركبات، كذلك ما يستحق لهذه البلديات لدى امانة عمان من مخالفات السير، حيث انه لا يمكن توريد هذه الاموال الا من خلال قناة وحيدة وهي بنك التنمية كما ذكرنا، وخلافا لذلك لا يستطيع البنك كشف الحساب لاي بلدية ما لم تتوفر هذه الضمانات. 
ونتيجة لما لجأت اليه الحكومة بشكل مخالف في الاعوام ٢٠٢٠، ٢٠٢١ من الاستحواذ على مبالغ طائلة من حصص البلديات المفروضة قانوناً والتي لايجيز اي تشريع للحكومة اخذ اية مبالغ من أموالها تطبيقاً لمبدأ الاستقلالية المالية لها، مما ادي الي ارتفاع كبير في نسب الحسابات المكشوفة لدي البنك لكافة بلديات المملكة، حيث تعتبر كافة مصروفات الرواتب والنفقات التشغيلية للعام ٢٠٢١ مسحوبة على المكشوف نظرا لعدم تحويل ما يغطيها من اموال البلديات لدى الحكومة والامانة.
واذ اصبح من الواضح جدية نوايا الحكومة الاستيلاء على هذه الاموال والحصص مما سيشكل ضغطاً غير مسبوق في العلاقة ما بين البنك والحكومة من جهة، نظراً لتخلف الاخيرة عن تحقيق الضمانة المؤيدة لاموال البنك. وما بين البنك والبلديات من جهة اخري، في سبيل تسديد الحسابات المكشوفة او على الاقل التوقيع على تحويلها الي قروض بفوائد حتى يضمن مدير البنك وكوادره المالية تغطية تصرفاتهم بغطاء قانوني.
وهذه رسالتي لكم اخواني رؤساء البلديات المحترمين: 
حذاري ثم حذاري من الانجراف في هذا النفق المظلم الذي سيودي بالبلديات الى العهد الغابر من الاعباء المالية الثقيلة. وحذاري حذاري من الانصياع لضغوطات الوزارة والحكومة باتجاه تحويل المكشوف الى قروض وبالتالي مديونية مضافاً اليها الفائدة القانونية منذ تاريخ الصرف على مؤسساتكم في الوقت الذى لا يستوجب عليكم دفعها او الالتزام بها، لان ما يقابلها ويضمنها هي اموالٌ للبلدية ترتبت في ذمة الحكومة والامانة، وهي الأولى بالتسديد.
اني اعلم يا اصحاب السعادة رؤساء البلديات انكم وصلتم إلى ما وصلتم اليه بفضل انتشاركم الشعبي وقوتكم المجتمعية التي تجعل منكم قادرين على رفض اية ضغوطات ومقاومة كل الاغراءات التي ستمارس عليكم لإتخاذ قرارات من شأنها تحميل البلديات كماً هائلاً من الديون وتكون بذلك وصمةً في سجلكم امام المراقبين المجتمعيين والأجيال القادمة.
واختم رسالتي بامنياتي لكم بالتوفيق والنجاح في قيادة بلدياتكم الى المستوى الذي تطمح اليه مجتمعاتكم.
                                          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                                        وكل عام وانتم بخير