النسخة الكاملة

وزير اسبق لاتطلقوا صفارات إلانذار اقتصادنا قوياً..وبعيد عن الافلاس ولامقارنة بين الاردن ولبنان!!

الخميس-2022-04-25 10:20 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - اكد وزير الدولة للشؤون الاقتصادية يوسف منصور اصبح من الشائع أن يقول البعض أننا في الأردن نسير على طريق الشقيقة لبنان التي تعاني من أزمات مالية ونقدية ومؤسسية عديدة، وهي مقولة تجانب الصواب في مناحيها كافة.

الواضح أنهم للأسف لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث في ما حصل ويحصل في لبنان قبل المقارنة.

يمر لبنان بانهيار مالي واسع وعميق يتسبب في واحدة من أسوأ الكوارث الاقتصادية في المنطقة.

بدأت قصة الأزمة في لبنان عام 1997 عندما قام البنك المركزي اللبناني (بنك لبنان) من أجل الحفاظ على ثقته بالاقتصاد اللبناني بربط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي (1,507 ليرة لبنانية = 1 دولار أميركي)، وأثبتت السياسة نجاحها لفترة من الوقت، ليصبح لبنان ازدواجي العملة، يتعامل المنتج والمستهلك فيه بالليرة اللبنانية أو الدولار الأميركي بسهولة تامة.

القصة حتى الآن لا تحتوي على أي محاذير لكن ازدواجية العملة تعني أيضًا أن على البنوك الاحتفاظ بمبالغ كبيرة من الودائع بالدولار الأميركي من أجل تلبية طلبات الصرف في أي وقت.

احتاجت الشركات اللبنانية إلى الدولار لسداد قيمة الواردات، ما زاد الضغط على البنوك للحصول على الدولار.

علما بأن لبنان بلد يعتمد في النقد الأجنبي على ثلاثة مصادر أساسية: التحويلات من اللبنانيين في دول المهجر (خاصة دول الخليج)، والسياحة، والمساعدات من دول الخليج والغرب ذات الفائض الرأسمالي.

وطالما استمرت هذه التدفقات في الوصول ، كانت الدولارات متاحة لتلبية الطلب وكان الاقتصاد مستقرًا نسبيًا.

ومع ذلك، غيّر الربيع العربي أمورا كثيرة: سورية، التي كانت ذات يوم شريك لبنان التجاري والمودع المالي الأكبر صارت تواجه مشاكل مالية.

بدأت التحويلات بالفشل كما أن مساعدات دول الخليج النفطية بدأت تتعثر ولأسباب سياسية وتوقفت فيما بعد.

تضاءلت السياحة إلى لا شيء تقريبًا بعد الانفجار في ميناء لبنان وتوقعات حدوث اشتباكات وصراعات داخلية عنيفة.

كما جف الاستثمار الأجنبي المباشر لأن الولايات المتحدة الأميركية وآخرين اعتبروا حزب الله منظمة إرهابية.

ومع تعطل التدفقات الدولارية وضعت المصارف الخاصة بمباركة من البنك المركزي اللبناني (بنك لبنان) الخطة التالية: على المصارف الخاصة تقديم معدلات فائدة سخية (15-20 %) على الودائع الدولارية للحفاظ على تدفق ودائع الدولار.

ولكي تكون قادرة على الوفاء بهذا الالتزام، كانت الطريقة الوحيدة للبنوك هي أن تدفع للمودعين الأوائل من أموال المودعين الجدد، وهو ما يُعرف باسم هرم المال أو مخطط بونزي، وهو مخطط معروف منذ عشرات السنين بأنه وسيلة للاحتيال على الناس إذ يقنعهم البنك بأن ما يحصلون عليه (20 % فائدة) هو نتيجة نشاط اقتصادي بينما هو في الواقع جزء من أموالهم المودعة لدى البنك أعيد توزيعها عليهم.

وبمجرد أن أدرك الناس أن مخطط بونزي قيد التنفيذ في لبنان ومصارفها أصيبوا بالذعر وبدأوا يطالبون باسترداد أموالهم مما تسبب في ضغط كاسح على البنوك.

رفضت البنوك الدفع بالدولار لأن المال لم يعد لديها فقد وزعته وهي تنتظر دولارات الودائع الجديدة لتوزيعها أيضا، الأمر الذي لم يحصل.

أيضًا، ثلاثة أحداث في عام 2020 لم تساعد: حاولت الحكومة فرض ضرائب على مكالمات WhatsApp في بلد يعتبر الأغلى في العالم من ناحية كلف الاتصالات الهاتفية كما قضى كوفيد- 19 على السياحة وأي آمال في التعافي؛ وجاء انفجار المرفأ في بيروت ليدمّر كل آمال الانتعاش. ونتيجة لذلك انخفض سعر صرف الليرة اللبنانية بنسبة 90 % بعد عام 2019.

ما مدى تشابه هذا مع حالة الأردن؟ لا يوجد تشابه بتاتا. كما أن تطورات الاقتصاد الأردني تشير الى التعافي بعد كورونا وإغلاقاتها، فقد انخفض معدل البطالة في الأردن من 25 % في الربع الأول من عام 2021 إلى 23.2 % في الربع الثالث من العام نفسه؛ وارتفعت الصادرات بنسبة 18 % في عام 2021، وعادت السياحة إلى مستويات ما قبل 2020، وبلغت الودائع لدى البنوك الخاصة 60 مليار دينار أردني (194 % من الناتج المحلي الإجمالي) و 13 مليار دولار بالعملة الصعبة بالإضافة إلى 39 مليار دينار في الودائع بالعملة المحلية ومن ناحية الائتمان تجاوزت التسهيلات 30 مليار دينار، كما أن ربحية البنوك لم تتأثر من فترة الكورونا.

أيضا، لدى البنك المركزي الأردني 18 مليار دولار وهو ما يغطي قيمته 9.3 شهر من الواردات في حال لم يدخل الأردن أي دينار من السياحة أو من حوالات المغتربين أو المساعدات والمنح أو أي دخل من الصادرات مع العلم أن صادرات الأردن من البوتاس والفوسفات استفادت كثيرا من ازدياد الطلب بعد كورونا وتعطل سلاسل العرض مؤخرا بسبب حرب روسيا وأوكرانيا، أي أن الأردن يسير نحو تعاف قوي.

حتى الديون العامة للبلدين لا يمكن مقارنتها، يبلغ الدين العام للأردن 114.6 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بينما يبلغ الدين العام للبنان 158 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

لاحظ أن أي مقارنة للدين تكون بالنسبة للناتج المحلي للبلد (أي دخله في ذلك العام) ولا تكون بالنسب المطلقة فعلى سبيل المثال يبلغ دين الحكومة الأميركية 27 تريليون (مليون مليون أو ألف مليار) دولار ولكنه يشكل 99 % من الناتج المحلي الإجمالي لديها.

أيضا، ما يقارب من نصف ديون الأردن مستحقة لمنظمات دولية بمعدلات ميسرة (4 ٪) ولمدد طويلة (15 سنة) في حين أن معظم ديون لبنان لبنوك خاصة لفترات قصيرة وبنسبة 15 %-20 %.

كما أن الوضع السياسي والمؤسسي في لبنان لا يشابه بأي وجه الوضع السياسي في الأردن، ولا داعي لذكر تفاصيل هنا كلنا نعلمها.

بالتالي، لا يوجد أي وجه للمقارنة، إذن، لماذا يقارن البعض اقتصادنا ومؤسساتنا باقتصاد ومؤسسات لبنان؟ يجب أن نسألهم عن المبادئ الاقتصادية والدلالات لديهم قبل أن نصدق ما يقولون أو ما أقوله هنا.

لدينا (بعقلانية وبالاعتماد على الأرقام والمعطيات الموضوعية) ما قد يستدل به على أن الوضع في الأردن يتحول إيجابيا ولو ببطء إلى ما يدعو للتفاؤل ولو قليلا بأن غدًا سيجلب اقتصادًا أكثر إشراقًا وحيوية.

وليس هنالك أي سبب لصفارات إنذار التشاؤم والادعاءات السوداوية والتشبث بالأسوأ.

لذا، لا داعي لأن تقارن الأردن بلبنان.