النسخة الكاملة

الاقتصاد الأردني ليس "طاهراً".. لكنه بعيد عن "الإفلاس والهرطقات"

الخميس-2022-04-19 05:29 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- خاص

ما إن يتقاعد "رجل دولة" وتنحسر عنه الأضواء ويتقدّم في السن حتى يجد ضالته في ندوات ومداخلات وتصريحات يبدأ فيها التصويب على الاقتصاد "الخاصرة الرخوة" لدى معظم شعوب العالم، فسياسيين كثر حول العالم ما إن ينساهم الإعلام والصحافة لا يجدوا سوى "النافذة الاقتصادية" للتصويب عليها وهو أمر يثير الهلع والقلق، لكنه يحقق "عودة السياسي" إلى ميدان الاهتمام والمتابعة، فيتم استذكاره بمقابلة هنا ومقابلة هناك، أو ثناء هنا ومديح هناك.
في الأردن، جرّب سياسيون كثر هذه "الموضة" فما إن تفضي "سُنّة العمل السياسي" إلى التقاعد حتى ينتقلوا إلى المعارضة 

ورفع الصوت وممارسة النقد "لكل شيء"، والتحذير من الغرق والانهيار والفوضى، دون أن يسألهم أحد عما إذا كانوا وهم في السلطة لسنوات قد مهدوا وتسببوا فيما يحذرون منه بعد أن غادروا مواقعهم ووظائفهم، والأهم دون أن يسألهم أحد مدى انطباق معايير الوظائف العليا التي شغلوها على مؤلاتهم وكفاءتهم.

الأسبوع الماضي هزّ السياسي ورجل الدولة والرئيس الأسبق لحكومة أردنية، والرئيس الأسبق لمجلسي النواب والأعيان الرأي العام الأردني بإعلانه "تفليسة الدولة"، ودون أن يتطوع ليقول للأردنيين عن شكل إفلاس الدولة وموعده وكيفيته، والأهم أن "تفليسة طاهر" قد حملتها ندوة سياسية لا اقتصادية، وأن "رجل الدولة" يتصل عادة بخبراء ومستشارين اقتصاديين ليسألهم وينهل من معرفتهم قبل أن يُضمّن السياسي ندوته بمعلومات اقتصادية صائبة ومفيدة والأهم دقيقة.

يسأل أردنيون عن الكيفية والنتائج التي أدار عبرها طاهر حكومة أردنية وهو الذي يعتقد أن الدولة مثل الدكانة تفلس في أي 
وقت وبلا أي مقدمات أو مؤشرات، فيما تمر الدولة عمليا بسلسلة من الاضطرابات الاقتصادية العنيفة حتى تقترب من الإفلاس، فلبنان رغم الصدمات العنيفة لاقتصاده وتوقف المساعدات بسبب العراك السياسي الداخلي ورغم وجود طبقة سياسية متهمة شعبيا بالفساد والإثراء غير المشروع إلا أن وفد البنك الدولي الذي زار بيروت الشهر الماضي قد أقر برنامج لإقراض لبنان 

والسير بخطط إنمائية ولم تقل المؤسسة الدولية إن "لبنان دولة مفلسة"، ولا أحد يعرف إذا كان طاهر المصري قد درس الحالة اللبنانية أم لا، أم أن القصة وما فيها ليست سوى "مماحكة" من وزن "أنا هنا فلا تنسوني".

حتما فإن الاقتصاد الأردني ليس "طاهرا" أو مقدسا، وتعرّض عبر التاريخ إلى سلسلة من الهزات والصدمات والتراجع، 

وبالتأكيد أيضا هناك ممارسات غير سليمة اقتصاديا لوزارات جاءت ورحلت دون أن تكشف لنا ما هي خطتها الاقتصادية، ولو كانت "تفليسة طاهر" قد جاءت في هذا الإطار الناقد لهضمها الأردنيون مسؤولون وخبراء ومتابعون، لكن مصطلح "التفليس" على "المسؤولين القدامى أو مَن تقاعدوا فعليهم أن يتفادوه بلا علم أو معرفة، وأن "الاستعراض الشعبوي" يكون غالبا كلفته عالية جدا.

المطلوب من "الطبقة السياسية القديمة" اليوم أن تبتعد عن "الإفتاء السياسي" عن مرحلة كانوا "أصحاب القرار فيها"، وأن يتركوا المسؤولين إدارة الأمور كما أداروها هم بلا تدخل، فالأردن الذي لم يخذل مواطنيه في عز أزمة جائحة العالم إذ لم تتوقف الكهرباء ولا الرواتب ولا الخدمات الصحية، وظلت حدودها "مضرب مثل عالمي" لا يمكن أن "تُفلّس" لأن "الإفلاس الحقيقي" ألا تحترم بلدك ونظامك وشعبك، وقبل ذلك ألا تحترم مصطلح "رجل دولة" الذي لم يهنه سوى رجال دولة سابقين أوهمونا لعقود بأنهم "كبار".
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير