جفرا نيوز- حديث وزير الخارجية الا أيمن الصفدي أمس الأوّل عن رفض أي خطة لها علاقة بالتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى وللحرم القدسي يؤذن بأن الاردن مضطر الآن للدخول وبقوة في خط الاشتباك مع اسرائيل تحت عنوان ما تبقّى من الوصاية أو الرعاية الأردنية للمواقع المقدسة في المدينة المحتلة.
لم يتحدث الاسرائيليون عن خطة التقسيم المكاني والزماني،لكن واضح أن عمان لديها تصوّر استراتيجي مسبق بأن ما تحاول فعله الآن حكومة الرئيس نفتالي بينت هو جوهر مقترحات يمينية إسرائيلية متجددة عنوانها تقسيم المكان المخصص أصلا للمسلمين زمانيا ومكانيا.
وهي خطة لو تحوّلت إلى واقع موضوعي يفاوض العرب والأردنيون والفلسطينيون على تفاصيله لأصبح التقسيم الذي يرفضه الأردن أمرا واقعا بمعنى التقويض الحقيقي لكل بروتوكولات وتفاهمات ونصوص الرعاية الأردنية للاماكن المقدسة سواء تلك التي تتضمنها اتفاقية وادي عربة بنصوص ملتبسة أو تلك التي وقّعها لصالح الأردن الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
لذلك دخلت الحكومة على الخط وإن كان بوقت متأخّر وتحدثت دون غيرها من الحكومات العربية عن التقسيم المكاني والزماني والذي يرى الأردنيون أنه يمس بصراحة وبصورة مباشرة بحقوق المسلمين في الحرم القدسي وفي حرم وصحن المسجد الأقصى ومرفقاته وعلى مسافة قد تصل إلى أكثر من 40 كيلومترا.
وبالتالي التقسيم المكاني والزماني هو عبارة عن خطة استيطانية إسرائيلية تجد اليوم من يدعمها من مؤسسات الدولة العميقة في كيان الاحتلال.
وما يهتم به الأردن هو شُعوره بأن المسألة تؤدّي حقا إلى تقويض مفهوم الوصاية وتُعيد المسألة إلى رعاية من الطراز الذي يُوافق عليه الإسرائيلي بمعنى أنه يوافق ثم يحجب هذه الموافقة وهو الرأي القديم الذي حذّر منه عدّة مرّات المفكر السياسي الأردني الراحل عدنان أبو عودة.
ما حذّر منه أبو عودة الذي رحل قبل عدة اسابيع فقط في العاصمة عمان يتحول الى سيناريو مقترح الان مما دفع الوزير ايمن الصفدي لإعلان رفض بلاده لأي سيناريو له علاقة بالتقسيم المكاني والزماني بمعنى السيطرة الاسرائيلية المباشرة على الحرم القدسي.
وهو ما دفع الملك عبد الله الثاني بسبب حساسية الموقف وأهمية انعكاسه على مبدأ وفكرة وجوهر الوصاية الهاشمية الأردنية إلى قطع خُلوته الصحية حيث يقضي فترة نقاهة بعد عملية جراحية معلنة وترأس اجتماع عبر تقنية عن بعد لأركان الدولة الأردنية أصدر فيه الملك توجيهات مباشرة للحكومة والسلطة التنفيذية بحضور كبار المسؤولين في أجهزة الحكومة وايضا في المؤسسة الامنية الاردنية.
توجيهات الملك لا لبس فيها واضحة الملامح وتأمر الحكوم بالتصرّف والقيام بواجبها في التصدي لما تشهده سياسات إسرائيل تحت عنوان تغيير الأمر الواقع بينما في عمق العقل التابع للدولة الاردنية مخاوف حقيقية من عودة سيناريو بنيامين نتنياهو بمعنى ان نفتالي بينت يحاول اليوم للذهاب إلى أكبر مسافة ممكنة و متشددة عبر الآلة العسكرية والامنية في المسجد الاقصى والحرم المقدسي في اطار المزاودة اليمينية على بعضها البعض وتجنبا لعودة شبح نتنياهو لإسقاط حكومته الائتلافية الهشة.
وبالتالي لا يدفع الشعب الفلسطيني ولا أهل القدس فقط فمن تلك الحسابات في التصفية السياسية بين اليمينيين الاسرائيليين لان تمكن نفتالي بينت من فرض إيقاع تقسيم المكاني والزماني يعني تصليب جبهته مع المستوطنين وممثليهم في الكنيست وفوزه في معركة خلفية كان قد سعى لها نتنياهو قبله وبالتالي تحقيق مكاسب انتخابية وسياسية والمصالح الاردنية حصريا هنا علقت وسط هذه الحسابات وبدون رديف او مساند عربي واقليمي.
لذلك استنفرت عمان دبلوماسيا وأعلن وزير الخارجية أيمن صفدي بأنه إستدعى السفير الإسرائيلي”لم يكن موجودا” وسيستدعي القائم بالأعمال لتسليمه احتجاج رسمي ولاحقا تشاور الملك عبدالله الثاني مع الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس.