جفرا نيوز
في الوعد السياسي وتكتيك التوقيت خياران لا ثالث لهما على الأرجح أمام رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة. الخيار الأول مرتبط حصريا بأجندة زمنية ضاغطة قوامها فكرة شهر رمضان والحراك السياسي والنخبوي المتوقع خلال أسابيعه الثلاثة المقبلة وبعده مباشرة، حيث اتجاه واضح هنا إما لشوط إضافي في طول عمر الحكومة وبالتالي تجاوز الكثير من العقد والكمائن حتى نهاية رمضان بما في ذلك تجاهل خيار التعديل الوزاري واللعب المحتمل بورقة «إعادة التشكيل».
الخيار الثاني ان تتجه الحكومة للمحرقة الموسمية المعروفة سياسيا في تقاليد التوزير وتشكيل الحكومات بمعنى تجهيز الحكومة جيدا لكي تتحول إلى «كبش فداء» محتمل إذا ما تصاعدت وتيرة احتجاجات رمضان لا بل ما اختلطت بأجندات غامضة سياسية تحاول النيل من تراتبية الأولويات في المشهد المحلي.
طبعا معادلة الداخل الفلسطيني من عناصر التحريك والتأثير في الداخل الأردني ما الذي يعنيه ذلك بصورة محددة عندما يتعلق الأمر بفرصة بقاء أو عدم بقاء الوزارة التي يثار الجدل حولها وفيها وبجوارها بين الحين والآخر؟
الجواب متعلق بسيناريوهين في ظل جملة الوعد والتوقيت من الواضح أنه لا ثالث لهما.
السيناريو الأول يفترض بأن الورقة الباطنية التي يخفيها في جيبه رئيس الوزراء هي تلك التي ستمكنه بسبب الظرف الأفقي العام خلال رمضان أو بعده مباشرة من إعادة ضبط الإعدادات بتحقيق ما كان يرغب به منذ تشكلت حكومته قبل نحو عام ونصف، وهو اختيار فريقه الوزاري بالطريقة التي يراها مناسبة تماما بدون ضغوطات المحاصصة الإجبارية وبدون تدخل لا في طاقمه الاقتصادي ولا في غيره.
طبعا ومن حيث التحليل والتكهن يفسر هذا السيناريو فتور الرئيس الخصاونة الشديد للذهاب باتجاه تعديل وزاري، فأي تعديل هنا وان عالج بعض المشكلات في الطاقم قد لا يساعد الحكومة في البقاء لفترة أطول أو قد يجنبها تقمص حالة كبش الفداء السياسي مقابل حراك الشارع.
وبلغة سياسية أوضح قليلا، ترجمة ذلك هو ان الورقة الرابحة التي يريدها الرئيس الخصاونة قد تكون على الأرجح هي الرغبة في إعادة التشكيل بمعنى تجديد التفويض الملكي بعد شهر رمضان وإتاحة الفرصة للرئيس هذه المرة لكي يتخلص من كل الوزراء النافذين العابرين لحكومته ويكرس تجربته باختيار الطاقم الذي يراه مناسبا.
وهذا يعني ان حصل بكل بساطة ان الحكومة المقبلة إذا ما تكلف من باب إعادة التشكيل الدكتور بشر الخصاونة بالضرورة ستخلو من نائبي رئيس الوزراء الحاليين إذا استطاع إلى ذلك سبيلا الخصاونة وهما أيمن الصفدي وزير الخارجية وتوفيق كريشان نائب رئيس الوزراء وزير شؤون الحكم المحلي.
لكن هذا السيناريو ليس يتيما أو وحيدا في الساحة. ويقابله استحقاق تقمص حالة كبش الفداء على مسار سيناريو «الدوار الرابع وحكومة الملقي».
تلك جزئية لا يملك أي رئيس حكومة التعاطي معها منفردا، فقد نصح الملقي كما شهد شخصيا بحضور «القدس العربي» عندما أيقن الرحيل بوزير التربية والتعليم في طاقمه الدكتور عمر الرزاز خليفة له وهو ما كان.
طبعا وزارة خصاونة ليست بمنأى عن سيناريو مثيل والانطباع سياسيا مبكر جدا بأن ضبط إعدادات الحكومة عموما جزئية مرتبطة اليوم مع «المزاج الشعبي» وترقب الحراك، فيما الترحيل وصفة كلاسيكية في أزمات الشارع لا يعاندها رجل دولة مسؤول من طراز الخصاونة.
واضح تماما ان بعض الشخصيات النافذة تحتفظ بالخيار على أساس انه ورقة في حضن الدولة والمؤسسات المرجعية وذلك ينطوي على الكثير من التضليل والتربص لأن مثل هذه الوصفات كانت طبيعية في أوقات الاسترخاء قياسا في الظرف العالمي ثم الإقليمي والداخلي اليوم تصبح مثل هذه الخطوة أقرب إلى صيغة مجازفة غير محسوبة.
باختصار الاعتقاد حاسم هنا بأن شخصيات نافذة في المستوى الاستشاري بعد ورشة العمل الأخيرة الاقتصادية تعمل في هذا الاتجاه، وأن نميمة سياسية تعمل في اتجاه تلك القاعدة التي تفترض ضرورة تعيين رئيس وزراء جديد يمثل مناطق جنوبي المملكة. وهي اتجاهات في النميمة السياسية والتنميط لا تخلو من أجندة تحاول إقصاء الحكومة الحالية ورئيسها أو الاقتراب بهما من منطق الاستعداد للتضحية من أجل الدولة على مذبح الشارع إذا ما تحرك بصورة أكثر في شهر رمضان وتحت غطاء ملفي الأسعار ونقص مواد غذائية بالرغم من إيمان الجميع بأن مسألتي الأسعار والغذاء هما محصلة لأحداث دولية والوضع العام في أسواق العالم، ومشكلات الشحن والتصدير والصناعة وأيضا الحرب الأوكرانية الروسية وليسا محصلة لسياسات حكومية في كل حال
.القدس العربي