جفرا نيوز- رسمي محاسنة - صوت العرب
تمر ذكرى المناضلة الاردنية" تيريز هلسة" زغرودة كركية في فضاءات فلسطين..فوق مطار اللد...الايقونة الاردنية..المحلقة من اجواء "مؤاب"..الى اجواء "اللد"..في عملية جرئية، بقلب جسور، بعمر 17 عاما، باوسمة فخر بعدد 220 عاما، حكمتها بها محكمة الاحتلال الصهيوني، و10 زنابق، المدة التي قضتها في السجن،وبرصاصات في اليد والرجل، ورصاصة اخرى لم تجرؤ على الاقتراب من عينها التي تشع ارادة وتحدي، ووردة قانية تطل من الجرح الذي اصابها من حربة الحقد للجندي الصهيوني وهي في شبه غيبوبة بعد اعتقالها،ورصاصة في كتف المجرم " نتنياهو"، هي الرصاصة الوحيدة التي اصابته من بين رصاص عربي بالمليارات.
تمر الذكرى وفي البال عصة الرحيل..وسؤال عن هذا التغييب الاعلامي لنموذج اسطوري، فكيف لاتحضر "تيريزا" في اعلامنا ولا في الدراما،تغييب يصل حد الوقاحة عندما حمل احد العروض المسرحية على مسرحنا اسماء كل المناضلات العربيات، وتم تجاهل "تيريزا" بكل ماصنعته من مجد يطال حدود الشمس.
يبدو انها حالة ممنهجة بتغييب رموزنا،من حق الاجيال ان تعرفهم، ونفتخر بهم،وان يكونوا حاضرين في الاعلام والدراما بكل اشكالها، في الوقت الذي يتم به الاحتفاء بكل ماهو تافه.والا فكيف لم يفكر احد بتقديم شخصية بهذا التميز على شاشاتنا او مسارحنا؟؟.
"تيريز"..حتى توقيت الموت له دلالة..فهي تذهب الى الاعالي محملة بالمجد بين عيدين اردنيين للشهداء..شهداء جيش الكرامة.. والشهيد الكركي " احمد المجالي" الذي ترك دراسة الهندسة في موسكو، وهو تقريبا في مثل عمرها "20 " ربيعا،ليطبق فنون هندسة القتال والمقاومة في مواجهة الصهاينة في "راس المتن" في الجنوب اللبناني.
"تريز هلسة"، البوصلة الاردنية المبكرة،الى حيث لا خيار الا خيار المقاومة،"تيريز"..الحكاية الاقرب للخيال، برحلتها الاسطورية، من "عكا"، بعد ان القت التحية على الشهداء" عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي"،وتحمل على كتفها 16 ربيعا،لا ماء ولا زاد ولا خبرة في الطريق، لتعبر فلسطين، الى لبنان، وتبدأ رحلة التعرف على السلاح والمناورة، ليقع عليها الاختيار ضمن فريق كوماندو، للسيطرة على طائرة بلجيكية، تحمل 140 شخصا، معظمهم صهاينة، لتكون اصغر فتاة تقوم بمثل هذه المهمة.
"تيريز هلسة" في مثل عمرها، تحمل الصبايا علب ادوات التجميل لتعطير اجسادهن، لكن "تيريز" خبأت قنبلة لتعطرها قبل استخدامها في اجبار الصهاينة على تحرير اسرى اردنيين وفلسطينيين.
من اي طينة ايتها الكركية الاصيلة، قبل العملية بليلة تنامين بهدؤ،وهل تجرؤ اقسى القلوب على النوم قبيل عملية استثنائية؟هل حضر ليلتها "ميشع" الملك المؤابي الذي طرد العبرانيين؟، هل حضر 1200 كركي حاكمتهم الدولة العثمانية بتهمة" هية الكرك"؟ هل حضر "قدر وارفيفان المجالي"؟ هل حضرت " مشخص – زوجة قدر" و"بندر – زوجة رفيفان" وتحدثن لك عن اعتقالهن..وكيف ان "بندر" ولدت "حابس المجالي" في السجن، الذي اعتقل المجرم شارون، وقتل من الصهاينة اكثر من 200 جندي في معركة اللطرون؟وهل حدتثك "مشخص" قبيل اغفاءة عيونك عن افتخارها بنخوة اهلك في الكرك،وعن ترويدة الكركية" لعيون مشخص والبنات.. قتل العساكر كارنا"؟. اي قلب هذا الذي تحملين واي ارادة؟ ماهذا الوعي الذي حملك الى فضاءات فلسطين،حيث يدك على الزناد، وبين وقت واخر تنظرين من الطائرة الى الارض،تبحثين عن اّثاروقع خطاك، التي تركت علامات في الرحلة المستحيلة الى لبنان قبل عام؟.
"تيريز هلسة".. الارادة الثورية الحقيقية، لم تكن راضية عن مفاوضات القيادة،كان امامها هدف واحد،وقناعة واحدة، ان هذا العدو الصهيوني الذي احتل فلسطين بالكذب والمراوغة والاحتيال، لن ينفع معه الا المواجهة والرصاص، وفي لحظة تمردها، ورفضها لتمديد المهلة،وان تضع حدا للمفاوضات الغبية لقيادتها في بيروت، تقدم قائد العملية، الشهيد" علي طه" واخذ الصاعق منها، واعطاه لرفيقتها، ليصدق حدس "تيريزا" الثائرة، ويكون الشهيد "علي" او ضحايا الخدعة الصهيونية.
"تيريز"..النقاء الثوري..لم تتقاعد للغو..ولم تهادن..او تساوم..لم تدخل لعبة الاحتمالات..فقط هناك خيار واحد..هو المقاومة..بقيت في الاردن..لكن فلسطين في الفكر والبال..فكما كانت في السجن تدرك بان الوعي والمعرفة هي جزء رئيسي من المقاومة فقامت بتدريس وتاهيل كثير من السجينات..فانها ايضا كانت تدرك بان هناك عمل لاينتهي بالمساعدات المادية والمعنوية.
"تيريز هلسه".. نموذج وحدة الدم والمصير والبوصلة الى فلسطين.. وحدة المسجد والكنيسة..وحدة القول الواحد.."لابديل عن المقاومة".
لك المجد في الاعالي... ولكل الاجيال الفخر بك...فلا نامت اعين الجبناء.