جفرا نيوز -
جفرا نيوز : محمود خطاطبة
بُعيد أقل من 24 ساعة على قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، القاضي برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، قرر البنك المركزي الأردني رفع أسعار الفائدة بنفس النسبة، وتم تنفيذ القرار اعتبارًا من أول من أمس.
بداية، يتوجب أن يُقر القائمين على الاقتصاد الوطني بأن ما ينفع بدولة مثل الولايات المُتحدة الأميركية، لديها ما لديها من صناعات إنتاجية ومشاريع استثمارية وزراعات متنوعة، على رأسها القمح والشعير والعدس والذُرة، والتي تُعتبر زراعات استراتيجية، فضلًا عن قوة عُملتها، قد لا ينفع، وحتمًا هو كذلك، في بلد متواضع الإمكانات كالأردن، حيث لا صناعات مُجزية، ولا استثمارات مُربحة، ولا زراعات، توصلنا إلى القُرب من ما يعرف بالاكتفاء الذاتي، ودينار "أصبحت قيمته في جيب المواطن لا تتعدى الـ25 قرشًا"، كما يؤكد خبراء اقتصاد ذلك.
قرار رفع أسعار الفائدة، ستكون له عواقب وخيمة على المواطن، فجُل الأردنيين لديهم إلتزامات مادية وقروض بنكية، أسبابها إما لامتلاك شقة، أو شراء مركبة، أو تعليم أبن أو أبنة، أو حتى لدفع تكاليف علاج وإجراء عمليات جراحية لأحد أفراد الأُسرة.. الأمر الذي يعني أنه سيكون هُناك تكلفة أكثر، يتكبدها المواطن نفسه، فالبنوك الأردنية، بمُختلف أنواعها، تجارية كانت أم إسلامية، ستُقدم على رفع سعر الفائدة على المُقترض، غير آبهة بوضعه المعيشي، الذي بات لا يسر صديقًا ولا عدوًا.
نقطة ثانية في غاية الأهمية، تتمثل بسؤال يتمحور حول "هل يعي القائمون على ذلك، ما هي الآثار السلبية التي ستترتب على جذب الاستثمارات، التي تُعتبر مُتعثرة بالأصل؟".. هذا طبعًا في حال وجد استثمارات حقيقية من أصله، تعود بالنفع على الوطن والمواطن.
عندما أقدمت الولايات المُتحدة على رفع أسعار الفائدة، في الـ16 من شهر آذار الحالي، كان هدفها عدم إنهاك اقتصادها، وخفض التضخم.. وكما قُلت في البداية قد ينفع هذا الدواء أو الخطة في بلد مثل أميركا، فلديها الكثير من الصناعات والاستثمارات، فضلًا عن عدد سكان هائل يُقدر بـ330 مليون نسمة، لا يُقارن بسكان الأردن، الذي لا يتجاوز 10.5 مليون نسمة، كما أن نسبة البطالة هُناك تبلغ 4 بالمئة، ويتوقع أن تهبط إلى 3.5 بالمئة العام الحالي، في حين وصلت في الأردن إلى 25 بالمئة، حسب الأرقام الرسمية، وإن كانت تتجاوز ذلك بكثير، وهي مُرشحة للارتفاع في قابل الأيام.
من مصلحة الولايات المُتحدة أن ترفع سعر الفائدة، فذلك سيتمخض عنه تراجع لأسعار النفط، كونها ترتبط عكسيًا بقيمة الدولار الأميركي، فكلما صعد سعر صرفه انخفضت أسعار المحروقات.. لكن بالنسبة للأردن، لا أحد يعلم ما هي الفائدة المرجوة من هذه الخطوة، فمعدلات التضخم، التي تُعتبر أصلًا مرتفعة، حتمًا سترتفع أكثر، ومهما انخفضت أسعار النفط، فليس لها أثر ملموس على الواقع المعيشي.
الخوف الأكبر قادم، إذ أنه من المتوقع أن يرفع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة بنسبة تتراوح ما بين 1.75 بالمئة و2 بالمئة، خلال العام الحالي، ما يعني أن البنك المركزي قد يرفع النسبة كذلك إلى هذا الحد.. وللمُتابع أن يتخيل أو يتنبأ ما هي الأوضاع التي سيؤول إليها الشعب الأردني!.
قد يكون الهدف من رفع سعر الفائدة هو "تخفيف" التضخم في الأردن، والذي بلغ مُعدله 2.2 بالمئة خلال الشهرين الأولين من العام الحالي، لكن يجب التنبه جيدًا إن ذلك "الرفع" سيتسبب بكوارث على المواطن، الذي يئن تحت الضغوط المعيشية الصعبة، والتي تزامنت مع جائحة فيروس كورونا المُستجد.. فالأمل بات معقودًا على الجهات المُختصة بأن تبحث عن مخرج، تستثني منه على الأقل المواطن المُقترض لأسباب غير كمالية.