جفرا نيوز: الدكتور عوني الذنيبات
بعد أن اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكي قرارا برفع أسعار الفائده بمقدار 25 نقطة
وذلك لمواجهة التضخم الشديد في أمريكا وهذا الأجراء هو احد ادوات السياسة النقدية علما بأن اسعار الفائده لم يتم تعديلها منذ عام 2018 وهذا التضخم جاء نتيجة عدة اسباب منها الاغلاقات التي شهدها العالم اثناء ذروة جائحة كورونا مما ادى إلا انخفاض مشتريات الناس وادخار مبالغ نتيجة ذلك وعند تخفيف الاجراءات وفتح القطاعات اصبح هناك اقبالا على شراء السلع بشكل كبير مما أدى الى ارتفاع الاسعار وقلت نسبة المعروض من السلع والمنتجات كما وان انخفاض الفائده في البنوك الامريكية سهل الحصول على القروض الاستهلاكية وبذلك بدأ التضخم يرتفع ويزداد بشكل لم يصل له منذ العام 1982 مما يمكن اعتباره مستوى قياسي لامريكا ، وعليه فقد تم اتخاذ القرار لدفع الناس الى الادخار والتقليل من كمية الاستهلاك وتستثمر اكثر مما يزيد فرص العمل وتقل كمية النقود التي بحوزة الافراد مما يؤدي بشكل ديناميكي الى الحد من التضخم وتدني نسبه الى نسب معقوله
ويعني رفع سعر الفائدة كبح عمليات الاقتراض ، وستقل نسبة السيولة في السوق، وهذا يؤدي الى خفض نسبة التضخم، وسترتفع الاسعار ويرفع البنك المركزي سعر الفائدة عند ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد، وعند زيادة أسعار الخدمات والسلع ستزداد أسعار الأموال، فالاقتراض يتراجع للأشخاص والأعمال، وسيقل الطلب والإنفاق على الاستهلاك ،وبالتالي سينخفض التضخم ،
وما يهمنا هنا هو تأثير هذا الاجراء في السياسة النقدية على اقتصادنا المحلي ؟ وكيف يمكن تجنب مخاطره الاقتصادية؟
فمن المعروف ان رفع سعر الفائدة سيؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى، مما سيؤثر على اسعار الفائدة والتجارة الخارجية والديون .
ومن المحتمل ان تتراجع أسعار النفط لأنها ترتبط عكسيا مع قيمة الدولار، فكلما صعد سعر صرف الدولار هبطت أسعار النفط العالمية، وهنا فإن على حكومتنا استغلال هذا الظرف بشراء النفط بموجب العقود الآجلة واستغلال انخفاض اسعار المشتقات النفطية وعلى القطاع الخاص في الاقتصاد الاردني ان يضطلع بهذه المهمه انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية تجاه بلده.
كما وأن الطلب على السندات الدولارية العربية ستشهد انخفاضا ملحوظا، حيث أن رفع الفائدة الأمريكية سيجعل سندات الخزانة الامريكية أكثر جاذبيةللاستثمار الاجنبي في السوق العالمية من نظيرتها العربية
وكذلك قد ترتفع معدلات التضخم نتيجة هذا الاجراء وترتفع تكلفة الواردات في الدول العربية إذ يؤدي رفع الفائدة الامريكية الى صعود سعر صرف الدولار أمام معظم العملات العربية، مما يؤدي الى تفاقم العجز في الميزان التجاري للدول النامية والتي تعاني بالاصل من عجز في موازينها التجارية.
كذلك فإن هذا الاجراء سيؤدي الى ارتفاع تكلفة الديون العربية ، فارتفاع سعر الدولار يزيد من عبء الديون الخارجية ، وبالتالي سيشكل ذلك عبء إضافي على الموازنات العامة للدول المقترضة، مما يدفعها إلى المزيد من الإجراءات التقشفية. وهذا ما دفع البنوك المركزية العربية إلى رفع أسعار الفائدة المحلية سعيا لتعزيز قدرتها التنافسية على الاستثمار في أدوات الدين.
أما اقتصاديات دول الخليج العربي فستكون الأكثر تأثرا وبشكل سلبي بهذا الإجراء وذلك بسبب إرتباط غالبية عملاتها بالدولار الامريكي ومن ثم فإن البنوك المركزية الخليجية ستضطر الى رفع أسعار الفائدة وذلك للمحافظة على استقرار عملاتها مما يشكل عاملا ضاغطا على عمليات الإقراض.
وقد رأى بعض المحللين الاقتصاديين ان الدول العربية عموما بوسعها إحتواء تأثير تلك الصدمة النقدية العالمية من خلال خطط نقدية استباقية، تعلن فيها عن سياساتها النقدية المستقبلية إزاء أسعار الفائدة المحلية وآلياتها للسيطرة على كل هذه التداعيات ويجب ان يتزامن ذلك -حسب ما يرى الخبراء - مع خطط اقتصادية ومالية لدفع النمو الاقتصادي محليا، وتحفيز الاستثمار المحلي والاجنبي.