جفرا نيوز - نقلت الوثائق الأردنية التي زوّدت بها الجانب الفلسطيني بشأن منازل حي الشيخ جرّاح القضية من مساحات ضبابية سادت اجواء الإحباط والسوداوية، إلى مساحات غاية في الايجابية والانتصار، وإحقاق الحق بعودة حق البقاء في هذه المنازل لأهلها وقاطنيها من المقدسيين، والأهم الاحتفاظ بالهوية العربية لهذه المنطقة الهامة وهزم أي خطط استيطانية أو تهويدية للقدس المحتلة.
يوم الخميس الماضي، أعلن محامو سكّان حي الشيخ جرّاح رسميا أن 14 وثيقة قدمتها الحكومة الأردنية إلى الخارجية الفلسطينية وأهالي حي الشيخ جراح ولهم أدت إلى استصدار قرار من المحكمة الاسرائيلية المختصة، والذي تضمن الإلغاء الكامل لجميع أوامر إخلاء المنازل التي صدرت سابقا بحقهم.
وحقق القرار الذي شمل قرارات الإخلاء الحالية والسابقة، الغاء نهائيا وليس تجميدا للقرارات السابقة، الأمر الذي يجعل من سكّان الحي يتمتعون اليوم بانتصار البقاء في منازلهم، بقاء جاء بعد نضال دام لسنوات ولأشهر ولساعات لا يمكن أن تغادر ذاكرتهم إلاّ بنكهة الانتصار الذي منحه لهم الأردن، انتصار يجعل من بقائهم في منازلهم واقعا مُعاشا، ملموسا بتفاصيل حياة يصعب أن ينسلخوا عنها أو ينتقلوا لغيرها.
جريدة «الدستور» ولمعرفة تفاصيل ما حدث وطبيعة القرار، واذا كان سيشمل من تم ترحيلهم من سكّان حي الشيخ جراح في وقت سابق، ليعودوا الى منازلهم، ومتى سيدخل القرار حيّز التنفيذ، وأسئلة كثيرة برسم الإجابة، أجرت حوارا شاملا مع مسؤول الدفاع عن أهالي الشيخ جرّاح المحامي حسني أبو حسين، الذي ثمن موقف الأردن في تزويد الجانب الفلسطيني بالوثائق التي نتج عنها هذا القرار التاريخي.
وكشف أبو حسين الذي تحدّث لـ» «الدستور» عبر الهاتف من مدينة القدس المحتلة أن القرار يشمل العائلات التي تم اجبارها على اخلاء منازلها في وقت سابق، كاشفا أيضا أن القرار ألغى (63) قرارا للشركة الاستيطانية، بأوامر اخلاء، مؤكدا أنه صدر عن محكمة عليا اسرائيلية بالتالي لا قرارات قبله، ولا بعده، وسيتم تنفيذه على الفور.
وأشار أبو حسين إلى أنه فور صدور القرار اتصل بكبار المسؤولين الأردنيين في عمّان، والسفير الأردني في رام الله وتقدّم بالشكر رسميا للأردن قيادة وحكومة وشعبا، حيث كان لمواقفهم السبب الرئيسي في عودة الحق الفلسطيني لأهله، والغاء كافة القرارات السابقة وليس تجميدا أو تأجيلا فيما يخص الاخلاءات لهذه المنازل.
تفاصيل كثيرة تحدث بها المحامي أبو حسين الذي شكّر جريدة «الدستور» لإهتمامها بعددها يوم امس السبت في مؤتمر محامي الشيخ جرّاح، وفردها مساحة واسعة للحديث عن هذا الانتصار التاريخي والذي ودون ادنى شك سيسجله التاريخ للمقدسيين والفلسطييين والأردنيين بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.
تفاصيل القرار
** الدستور: بداية نود وضعنا بصورة طبيعة القرار الذي أصدرته المحكمة الإسرائيلية يوم الخميس الماضي؟.
** أبو حسين: استطعنا ومن خلال الوثائق التي قدمتها الحكومة الأردنية، ودورها الحاسم في القرار الذي أصدرته محكمة الاحتلال والمتضمن الإلغاء الكامل لجميع أوامر إخلاء المنازل التي صدرت سابقا، فالأردن مشكورا زودنا بهذه الأوراق بواسطة وزارة الخارجية الأردنية وسفارة الأردن في رام الله.
ولا بد هنا من الإشارة إلى مسألة هامة جدا، وهي أنه اضافة للوثائق التي تقدّم بها الأردن كان له وللمقدسيين والفلسطينيين دورا هاما شعبيا واعلاميا بهذا الانتصار، فهناك حراك شعبي واعلامي والضغط السياسي لكل ذلك أهمية في القرار الاسرائيلي بالغاء قرارات الاخلاء.
وبطبيعة الحال الوثائق التي تقدّم بها الأردن كان لها أهمية قصوى فيما قررته المحكمة يوم الخميس الماضي، والتي قررت أن عمليات الإخلاء وقرارات الإخلاء الصادرة لأهالي الشيخ جراح هي لاغية، وليست مجرد اتجميد او الغاء مؤقت كما أثار البعض.
القرار يطبّق على
عائلات أخلت منازلها
** الدستور: السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين اليوم، فيما اذا كان القرار سيشمل العائلات التي أخلت منازلها في حي الشيخ جراح في وقت سابق والذي شمل ثلاث عائلات، وفي حال شملها القرار ما هي الإجراءات التي ستتخذ بهذا الشأن؟.
** أبو حسين: سؤال هام ويتعلق بجانب مهم في هذه القضية، نعم القرار يشمل من تم فرض قرارات اخلاء بشأنهم في وقت سابق، وهم ثلاث عائلات وهي الكرد والغاوي وحنّون، وستكون هناك إجراءات لعودتهم لمنازلهم، لأن ما ينطبق على سكان الحي ينطبق عليهم في كافة التفاصيل.
وهنا أود الإشارة إلى أنه خلال مرافعتي الدفاعية عنهم قبل اخلاء منازلهم، طلبت في حينه عودتهم لمنازلهم إذا تبيّن لاحقا أن ملكية الأرض ليست للشركة الإستيطانية، بالتالي ثبت اليوم هذا الجانب بقرار من محكمة اسرائيلية، ويجب اعادتهم وهذا ما سيحدث على أرض الواقع بعد الانتهاء من عملية انهاء الإجراءات والتسوية.
نتأمل اليوم أن يغلق هذا الملف بشكل نهائي، حيث أصبح مؤطرا بقرارات قضائية تلغي كل قرارات سابقة بالاخلاء، ومغادرة منازل حي الشيخ جرّاح، بعدما تبيّن أنها ليست للشركة الإستيطانية.
دور الحكومة الأردنية
** الدستور: هل يمكن توضيح دور الحكومة الأردنية بعودة الحق لأصحابه في حي الشيخ جرّاح؟.
** أبو حسين: الحكومة الأردنية تعهدت أن تُملّك أهالي الشيخ جراح هذه الأرض والشقق التي أقيمت عليها، وحتى أنه ابتداء من الاول من كانون الثاني 1966 ولغاية شهر أيار 1967 شرعت الحكومة الأردنية بأعمال المساحة وتسجيل هذه الأرض بأسماء أهالي الشيخ جراح، لكن للأسف بسبب ما حدث في حزيران عام 1967 لم يتم ذلك.
والآن تسلمنا وثائق بهذا الخصوص من الأردن تفيد بأن الحكومة الأردنية لم يتسن لها تسجيل هذه الأملاك بإسم سكان أهالي الشيخ جراح الذين هم أصلا 28 عائلة بسبب نشوب حرب عام 1967، حيث قامت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، بالمصادقة في شهر نيسان عام 2021 على 14 إتفاقية بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية سابقاً، وأهالي حي الشيخ جراح، زوّدها بها الأهالي، وقامت بتسليمها إلى وزارة الخارجية الفلسطينية والأهالي ومحاميهم.
وسلّمت شهادة تبيّن أن وزارة الإنشاء والتعمير عقدت اتفاقية مع «الأونروا» لإنشاء 28 وحدة سكنية في حي الشيخ جراح، وعقدت اتفاقيات فردية مع الأهالي لإقامة مساكن لهم في الحي، وتعهدت بموجب الاتفاقيات أن يتم تفويض وتسجيل ملكية الوحدات السكنية بأسمائهم، ولكن نتيجة لحرب 67 فإن عملية التفويض وتسجيل الملكية لم تتم.
قرار الغاء وليس تجميدا
** الدستور: هل هذا القرار يعتبر نافذا، وهل هو نهائي بمعني أن القرار الغاء لقرارات الاخلاء وليس تجميدا لها؟.
أبو حسين: هذا ما نؤكده أن القرار الغاء لكل قرارات اخلاء منازل سكان حي الشيخ جراح، وهو قرار تاريخي صدر عن محكمة اسرائيلية عليا لا قرار قبله ولا بعده، قرار حاسم الفضل به أولا وآخيرا للحكومة الأردنية، بحيث سيعود السكان لمنازلهم وسيبقى من لم يطبّق قرارات الاخلاء، فالقرار الغاء وليس تجميدا، الغاء مؤكد وليس مبدئيا، فنحن نتحدث عن قرار الغى (63) قرارا لصالح الشركة الاستيطانية بالاخلاء، معيدا الحق لأصحابه.
اتصالات مع الأردن
** الدستور: هل كان لكم اتصالات مع الأردن بعد صدور القرار؟.
** أبو حسين: بالطبع، فور صدور القرار اتصلت مقدما الشكر باسم محاميي سكان حي الشيخ جراح والمقدسيين للأردن ملكا وحكومة وشعبا، كما اتصلت بالسفير الأردني في رام الله وقدمت له الشكر والعرفان بأهمية الدور الأردني في هذا الملف الذي أعاد الحق لأصحابه، ولولا هذا الأمر لم نكن اليوم نحتفل بهذا الانتصار، ومن خلال جريدة «الدستور» أكرر الشكر والتقدير للدور الأردني الكبير في هذه القضية التي اشغلت الرأي العام لمدة ليست قصيرة.
الدستور - نيفين عبد الهادي