جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د.نواف العجارمة
في الذكرى العشرين لرحيل مؤنس الرزاز، وعلى هامش الفعاليات الثقافية في هذه الذكرى: رغم أنف الغياب.. الأحباء يمضون سريعا.. العظماء يرحلون سريعا.. الجميلون يغادرون سريعا.. كومضة من شهاب، كرفة من جناح فراشة، كنسمة محملة بالشوق..
أي أثر ذاك الذي تركته فينا يا مؤنس، فجعلك المؤنس حتى في غيابك؟ أي حضور ذاك الذي تجليت فيه، فأغناك بعمرك القصير عن العقود والدهور؟ أي جمال ذاك الذي حفرته في أرواحنا فخلدك فينا لوحة وردية الملامح صخرية الصمود؟
ما زلنا كما عهدتنا "أحياء في البحر الميت”، نخرج على موتنا، ونشرئب نحو الحياة، لم نشهد "ليلة عسل” واحدة في حياتنا الممزوجة بالشقاء، لمْ نحظ بقبعة واحدة نظل بها رؤوسنا في قيظِ الصيف، ولا تحت وابل المطر، غير أن نصيب غيرنا "قبعتان ورأس واحدة”، و”حين تستيقظ الأحلام” فينا أيها المؤنس، سنخلع ثياب يأسنا، ونواجه "النّمرود” القابع في مخيلة كل محبط منا، ونكتشف أن الحياة تفتح ذراعيها لكل من يفتح قلبه لها..
حولت قبح واقعنا بسخريتك اللاذعة العميقة إلى لوحات ناطقة ملونة بالضحك الممزوج بالدموع، وكأنك تدفع كل واحد منا إلى "مد اللسان الصغير في وجه العالم الكبير” نصدح بأحلامنا، ونرفع رايات رفضنا لواقع يدمي قلوبنا، ونعترف بأخطائنا التي أضاعتنا وسط "متاهات الأعراب في ناطحات السّحاب” كمثل "اعترافات كاتم صوت” ناء بصمته..
ليس لدينا ما نرثيك به، فلقد منحت الحياة معنى تجاوز حدود العمر، وهدم سطوة الغياب، ومد جناحي سنيك العاثرات في غياهب المدى الّذي لا يعترف بالنّهايات..
سلامنا لحرفِكَ المتجذِّرِ في صفحاتِ ضمائرِنا، المُتباهي فوقَ سطورِ أوردتِنا..
سلامنا لفكرِك الّذي أسّسَ مملكةً تضافُ إلى ممالكِ الخلودِ..
سلامنا لروحِكَ التي تجاوزَت أسطورةَ الفناءِ، وعاشَت مُنتشية مُنتصرة رغمَ أنفِ الغيابِ.