جفرا نيوز - بقلم الصحفية رانيا النمر - يتوالى الضخ الإعلامي الأردني الرسمي، عبر كافة المنصات التي سخرها في خدمة الترويج للمرحلة السياسية القادمة، وعنوانها إصلاح المنظومة السياسية والتحديث، الأ ان صدى صوتها لا يتعدى البروباغاندا، مما ساهم في اتساع فجوة الثقة بين الحكومات الأردنية ومواطنيها.
أزمة تصريحات جديدة تستفز الأردنيين، عقب تصدر عناوين في صحيفة رسمية عن مصادر حكومية، مفادها أن الحسابات الإلكترونية الوهمية تشوش على الإنجازات الحكومية للتقليل من أهميتها، وتهدم الروح المعنوية للمواطنين، وتشكك في القدرة على تطبيق الخطط، وتبث الروح السلبية تجاه أي خطوة ايجابية، وأخيرا تطلق هذه الحسابات أخبار ومعلومات زائفة.
جملة التصريحات تلك، والتي أطرها رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة بمصطلح "السوداوية السائدة والممنهجة" يجذر الإنسلاخ الحكومي التام عن الواقع المعيشي للمواطنيين، والذي يعيش حالة إحتقان سياسية واجتماعية واقتصادية وسيكولوجية مركبة. إضافة إلى مسألة الحسابات الوهمية في سياق التصريحات، زادت الطين بلة فهي تحمل في دلالاتها، ترسيخا لفكرة أن عقل الدولة بات لا يسمع إلا صدى صوته، ولا يرى إلا انعكاس صورته، متجاهلا ملايين الحسابات الحقيقية لأفراد الشعب الأردني والذي يعاني من الأقصاء والتهميش.
ان اتباع نفس النهج في تسويق "ال لا إنجاز" على أنه إنجاز، وابتكار معارك وهمية، يعمق فجوة الثقة بين الحكومة والشعب حيث تشير الأرقام الى أن ثلثي الأردنيين لا يثقون في الحكومة حسب آخر دراسة أعدها مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية.
على الصعيد السياسي والإستراتيجي قال الخبير د.عامر سبايلة: إن المشروع الإصلاحي يجب أن يشتبك ايجابيا مع آراء الناس ومطالبهم، ولا يتحقق عبر مشاريع قوانين أو شعارات، ولا يمكن فرضه على قناعات الناس فرضا، إنما يتم عبر قرارات جادة يلمسها المواطنون في حياتهم اليومية، وينعكس ايجابيا على طريقة معيشتهم وهذا ليس بالأمر الهين خاصة، بعد سنوات من الحالة السلبية التي سادت بين الحكومات والمواطنين.
مشروع الإصلاح الممجوج يتم في عهد حكومة بشر الخصاونة والتي لا تشكل بيئة حاضنة له، حيث شخصت النائبة السابقة والحزبية د. رولا الحروب أداء رئيس الوزراء بالأضعف في تاريخ الأردن، من خلال اتباع سياسة الإختفاء عن أهم المشاهد المفصلية التي حدثت في الآونة الأخيرة مثل أزمة حي الشيخ جراح وارتداداتها، كمعركة سيف القدس في غزة انتصارا للقدس، حيث غادر في أحلك الأوقات لقضاء عطلة عائلية في الإمارات، كما ولم تقدم حكومته تبريرا لانقطاع الكهرباء عن المملكة مباشرة عقب إعلان الكيان الصهيوني وقف اطلاق النار.
وتضيف الدكتورة الحروب: أما بخصوص المشهد الأخطر على الصعيد الداخلي "قضية الفتنة" أيضا كان إختفاء رئيس الوزراء سيد المشهد ولم تقدم الحكومة رواية متماسكة تقنع الشعب الأردني عن طبيعة ما اسموه بالانقلاب.
كما استشهدت ايضا بتقرير المركز الوطني لحقوق الأنسان حول ملف إدارة الإنتخابات، في عهد الدكتور بشر الخصاونة وما اعتراها من شبه تزوير، وتدخل المال الأسود وغيرها من المخالفات الجسيمة.
ناهيك عن مصير مذكرة نيابية حملت تواقيع جميع النواب والخاصة بطرد السفير الأسرائيلي أو القائم بالأعمال، من أراضي المملكة والتي غض عنها الطرف دولته وأغلق الملف عبر التسويف والتدارس.
بالعودة الى تصريحات الرئيس وهي ليست التصريحات "الفضائية" الأولى من نوعها، حيث تحدث في وقت سابق عن الأردن كدولة إزدهار!
فلو افترضنا جدلا أنه اطلع على تقرير حالة البلاد الأخير الصادرة عن المجلس الاقتصادي والإجتماعي الأردني، الواقع في 1500 صفحة، وأخواتها من التقارير السنوية للمجلس، في قطاعات التنمية والنقل والزراعة والعمل والطاقة والسياسة المالية والنقدية والبنية التحتية والإسكان والمياه والإقتصاد والصحة والثقافة والتعليم والأستثمار لأدرك أن الأردن يعاني من مشاكل عميقة ومعقدة ومركبة ومتراكمة، أهم بكثير من الحسابات الوهمية التي تؤرق منامه.
وفي سياق متصل وبالحديث عن أرقام أممية، ودراسات مراكز بحثية عالمية والمتوفرة على الشبكة العنكبوتية، يجد الباحث تقهقرا كبيرا في ترتيب المملكة الأردنية الهاشمية بين دول العالم، في معظم المؤشرات من حيث تدني مستوى دخل الفرد، وارتفاع مستويات البطالة والفقر،وتدني مؤشرات المعرفة، وتراجع حريات التعبير، وانخفاض نسبة النمو الأقتصادي وغياب معاييرالشفافية وغيرها.
إن القطيعة المعرفية ( الابستمولوجية) والجهالة بأدوات التقدم بالتزامن مع جرح نرجسي ينتج وصفة وعبر التاريخ لمرحلة ما قبل السقوط
الصحفية رانيا النمر