جفرا نيوز - محمد داودية
غَضِبَ الوالي، من جَمَلِه الغالي، الذي التهمَ حقلَ النعنعِ والريحانِ والتفاح والدوالي،
فأقسم أن يبيعه بدينارين، في اليوم التالي.
في اليوم الموالي، ندِمَ الوالي على قَسَمِه الواجبِ التنفيذ، وأُسقِط من يده، إلى أن تذكر مستشارُه، الكاهنَ الداهية، ذا القدرات المتعددة، فأرسل في طلبه، لَعلّه ينقذ الوالي من ورطته.
جاء الكاهن يعدو خببا، ومَثُل بين يدي الوالي يبلغه، والسرورُ يطفح من وجهه، أنه وجد الحلَّ، فأعلن المستشار مزهوا، أنْ لا قفل يستعصي على الكاهن، الذي يجد الحلول دائما.
أحضروا للكاهن هِرَّا طلبه، فربطه بذيل الجمل، وطلب من السمسار أن يُدلِل في سوق الحلال، معلنا أنّ الجملَ بدينارين، والهرَّ بألفين، والبيعَ على الاثنين».
بَرَّ الوالي بقسمِه، ونجا الجملُ العزيزُ على قلبه، وحصل الكاهنُ على صُرَّةِ دنانير، نظيرَ سعة أفقه وقوة حيلته.
هذا هو أصل الحكاية التي تفصِح عن قدرة وسطوة، بعض الكُهّان والرجال المُسوّغين، لابسي العمائم والطرابيش والدشاديش والجُبب و»القَضايض» والحَطّات، التي يضعونها بلا عُقُل، علامة شدّة الورع والزهد.
كنتُ وسأظل مع فصل الدين، بما فيه من قِيَمٍ ومُثُل ونُبْلٍ وطهر وزهد ومكارم أخلاق وقداسة، عن السياسة بما فيها من ألاعيب ودسائس ومصالح وخداع ومخادع وشهوات ودناسة.
وليس يعقل، لا بل يستحيل، أن يسيطر الكهنةُ ورجالُ الدين، أي دين، على السلاطين والملوك والرؤساء والزعماء ورجال الحكم كافة، الذين يملكون الأحمرين: السيفَ والذهب.
والذي تم ويتم، منذ آلاف السنوات الفارطة، وإلى آلاف السنوات القادمة، هو أن يُسخّر السلاطينُ والملوكُ والرؤساءُ والزعماءُ ورجالُ الحكم، وأن يوظفوا لخدمتهم، الكهنةَ ورجالَ الدين، الذين يطلبون الرضى ويتطلعون إلى الأُعطيات و»الشرهات»، والبقاء متربعين على منابر الخطابة والوعظ.
الفصل بين الدين والسياسة، بين القداسة والدناسة، هو فعلٌ نبيلٌ يصبّ في مصلحة الدين، وينزِّهه بكل دقة ويقين. كما أنه يصبّ في مصلحة الشعب المبتلى برجال
يتخفّون خلف الدين ويطوعونه، حسب الأوامر والمصالح.
وآخر طبعات «تسخير الدين في خدمة السلاطين»، هو ما يجري في العراق الحبيب، من فسادٍ ونهبِ ودجل وذبح. وتسييس مفضوح للمذهب والدين.