جفرا نيوز -
جفرا نيوز - أ. د. ليث كمال نصراوين*
جرى الإعلان قبل أيام عن التعديلات الدستورية التي اقترحها مجلس الوزراء، والتي جرى تضمينها مع توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في مشروع تعديل الدستور الأردني لعام 2021. ومن أبرز المقترحات الحكومية تلك المتعلقة بتشكيل المحكمة الدستورية وآليه عملها. فبعد أن أوصت اللجنة الملكية بتخفيض عدد الأعيان والنواب الذين يحق لهم الطعن المباشر بعدم الدستورية إلى (25%) من أعضاء أي من المجلسين، وسّعت الحكومة من نطاق التعديلات الدستورية المتعلقة بالمحكمة الدستورية لتشمل شروط العضوية فيها، وآلية الدفع بعدم الدستورية.
ففيما يخص شروط العضوية، اقترحت الحكومة تعديل المادة (61/1) من الدستور التي تجيز لكل محام أمضى مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة في ممارسة مهنة المحاماة أن يكون عضوا في المحكمة الدستورية، ليصبح النص المقترح مفاده أن يكون المحامي المزاول قد أمضى مدة لا تقل عن خمس وعشرين سنة في المهنة لكي يترشح للعضوية في المحكمة الدستورية. ويأتي تبرير هذا المقترح لغايات المساواة التقريبية في عدد سنوات الخدمة التي يحتاجها القاضي ليصل إلى محكمة التمييز والمحكمة الإدارية العليا.
ويبقى التعديل الحكومي الأبرز على عمل المحكمة الدستورية يتمثل في المادة (60/2) من الدستور الخاصة بآلية تنظيم الدفع بعدم الدستورية، والتي تنص على أنه في الدعوى المنظورة أمام المحاكم يجوز ﻷي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية، وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جِدي أن تحيله إلى المحكمة التي يحددها القانون لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية. وقد حدد قانون المحكمة الدستورية هذه المحكمة التي يتم إحالة الدفع بعدم الدستورية إليها من قاضي الموضوع بمحكمة التمييز. وبهذا يكون المشرع الدستوري قد أخذ بمبدأ الإحالة المزدوجة للدفوع بعدم الدستورية، وذلك من قاضي الموضوع إلى محكمة التمييز ابتداء، ومن ثم من محكمة التمييز إلى المحكمة الدستورية.
وقد أثّر نظام التصفية المزدوج للدفوع بعدم الدستورية على عمل المحكمة الدستورية منذ إنشائها في عام 2012، وذلك من حيث قلة عدد القضايا المحالة إليها من محكمة التمييز، وبالنتيجة محدودية الأحكام التي تصدر عنها سنويا.
ولمواجهة هذه الإشكالية الإجرائية، جرى اقتراح تعديل المادة (60/2) من الدستور بحيث يتم تنظيم آلية إحالة الدفوع بعدم الدستورية في قانون المحكمة الدستورية، فجرى اقتراح شطب أي إشارة إلى محكمة التمييز في صلب الدستور. ويترتب على إقرار هذا المقترح وصيرورته نافذا أن يثبت الحق للمشرع العادي بأن يخفف من القيود الإجرائية المقررة لإحالة الدفوع بعدم الدستورية، كأن يعطي الصلاحية لقاضي الموضوع وبعد التحقق من جدية الدفع بعدم الدستورية المثار أمامه ومن توافر شرط المصلحة للطاعن أن يحيله مباشرة إلى المحكمة الدستورية. فننتقل من نظام الإحالة المزودجة المطبق حاليا إلى نظام الإحالة الفردية من قاضي الموضوع.
كما يمكن للمشرع الأردني أن يقترح تعديل قانون المحكمة الدستورية لصالح تقرير الحق لقاضي الموضوع بأن يتصدى للدفع بعدم دستورية القانون الواجب التطبيق على الدعوى المنظورة أمامه من تلقاء نفسه، دون أن تكون صلاحيته هذه معلّقة على تقديم طلب بعدم الدستورية من أي من أطراف الدعوى.
إن التعديل الحكومي المقترح على المادة (60/2) من الدستور سيفتح المجال أمام المشرع الأردني بأن يعدل قانون المحكمة الدستورية ويعيد النظر في الآلية المطبقة حاليا بخصوص الدفوع بعدم الدستورية لصالح تخفيف الإجراءات، وبالنتيجة تعزيز عمل المحكمة الدستورية كجهة قضائية مستقلة تراقب على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية