جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب: بلال حسن التل
اذكر جيدا أنه كان في صحفنا الورقية اليومية منها والأسبوعية, زاوية تكاد تكون في كل عدد من اعداد تلك الصحف, هي زاوية حق الرد, والتي كانت بعض الصحف تسميها بريد المحرر, وهي غير زاوية بريد القراء،فقد كانت زاوية حق الرد مخصصة للردود والتوضيحات حول ماينشر في الصحيفة من اخبار ومقالات وتحقيقات من قبل الجهات ذات العلاقة بالموضوع المنشور, وغالبا ما كانت هذه الردود والتوضيحات تصل من الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية, وكثيراً ما كانت تتبعها إجراءات لتصحيح الخلل الذي أشارت إليه الصحيفة, ففي تلك الأيام كان المسؤول يهتم بالرأي العام وردود فعله, لأن المسؤول كان حريص على الدولة وهيبتها وسمعتها وعلاقتها بمواطنيها, فكان يستهل يومه بقراءة الصحف, لذلك كان يعرف مايجري حوله ويشعر بتوجهات الرأي العام ونبض الشارع, وقبل ذلك يعرف مايجري في وزارته وفي محيط اختصاصه، ارضاء لضميره اولاً, وحماية لنفسة ثانياً, لأنه كان يعلم أن هناك مؤسسات رقابة رسمية, تراقب وتحاسب ناهيك عن رقابة الرأي العام.
في أيامنا هذه صار من النادر ان نرى زاوية حق الرد, فنحن نعيش في زمن يتباهى به بعض المسؤولين بأنهم لا يقرؤون, ويفاخر بعضهم الآخر بأنه لا يقرأ الصحف الأردنية على وجه الخصوص, فمن أين سيشعر من يفعل ذلك بنبض الشارع ومعاناة الناس, وهو لا يقرأ صحفهم ولا يستمع إلى إذاعاتهم, وهذه ممارسة تدل على عدم الاحساس بالرقابة والمتابعة والمسائلة وفي أمثالنا الشعبية "من آمن العقوبة أساء الأدب", وفي حالة الموظف الذي يأمن المساءلة والعقوبة فإنه من الطبيعي أن يسيء التصرف, لذلك لم يعد مستغرباً ان الرشوة صارت ممارسة عادية في الكثير من دوائر الدولة ومؤسساتها, مما يجري الحديث عنه في مجالس الأردنيين على اختلاف طبقاتهم وفئاتهم.
ولم يعد مستغرباً ايضاً هذا الترهل الإداري الذي يدفع المواطن ثمنه تاخيراً لمعاملاته بل وضياعها في غياهب أدراج وخزائن وربما مستودعات بعض الدوائر والمؤسسات, ففي ظل غياب المتابعة والمساءلة والمحاسبة يحدث كل شيء , وأخطر ما يحدث اللامبالاة بالرأي العام وهي اللامبالاة التي جعلت بريد المحرر يختفي من صحفنا.
Bilal.tall@yahoo.com