جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - المهندس سمير الحباشنة
فسحة الأمل في نفس الإنسان طاقة، تمكنه من الاستمرار ودحر الاحباط، فالاحباط حين يتمكن، يتحول الى شكل من أشكال الموت، فيموت المرء أو يموت الشعب، مع أنه حي يرزق يأكل و يشرب..
***
وذلك ينطبق على الحال العربي، الذي يبحث عن طوق نجاة بعد أن استمرأ موت أبنائه بلا ثمن وجوع أطفاله بلا رحمة، ودمار لكل ما بناه، هكذا بلا مسوغ موضوعي بجنون مفرط أو مُطبق، دفع بالعرب أن يدمروا جُل ما بنوه منذ الاستقلالات الوطنية حتى اليوم، وبالذات في أقطار مركزية ومهمة.
***
والسؤال.. أما آن للروح العربية أن ترتاح، فيستفيق الضمير العربي، فيتم وقف تلك المعارك الدنكوشيتية، حيث يُذبح العربي بيدٍ عربية، ويُدمر كل ما تم بناؤه بمعاول عربية أيضاً؟!
ونقول، أما آن لبصيص أملٍ، لفسحة من التفاؤل أن تطل علينا وأن تكبر، فتتوقف هذه المهزلة، مهزلة القتل وجريمة التدمير؟!
***
والسؤال.. أو ليست تقتضي المسؤولية الأدبية والأخلاقية، وتلُح علينا بأن يتحرك وجداننا الذاتي العربي، فيرفع مقصلة الموت عن رقاب العرب، ويكُف معاول الهدم البغيظ، من أن تفعل فعلها المدمرة فينا؟!
***
ان ذلك أيتها السيدات والسادة، ويا أيها المسؤولون، يحتاج إلى وقفة تأمل ومراجعة، والوقوف على حقيقة ما دفع بالحال العربي الى ما هو عليه اليوم. ومع الأسف فسوف تجدون أن المسوغات التي فعلت فعلها فينا، هي واهية وغير مبررة. حتى أننا كما يقول المثل البدوي «قد أمسكنا لحانا للآخر» حتى يفعل بنا ما يفعل، طمعاً بنا وتحقيق ما يتطلع إليه على حساب الشخصية العربية والأرض العربية والثروة العربية والمستقبل العربي.
***
هل نبقى في صفوف المتفرجين؟
أعجب حينما أنظر إلى السودان، فأرى مبعوثاً أفريقياً وآخر لجنوب السودان وآخر أميركياً وآخر أوروبياً ولهيئة الأمم وحتى مبعوثاً «صهيونياً».. والقائمة تطول، لكننا لا نرى مبعوثاً عربياً واحداً، بل نقف في صفوف المتفرجين ننتظر نتائج اللعبة الكارثية والتي وان استمرت فإن السودان مهدد بالتجزئة والموت، والمزيد من الجوع والخراب. في الوقت الذي يكتفي العرب ببيانات خجولة بلا فائدة.
والأمر ذاته ينسحب على ليبيا، فالعرب متفرجون، اللهم باستثناء محاولات من هنا أو هناك، أما الفعل الحقيقي فهو لأوروبا ولأميركا ولتركيا. كلٍ يبحث عن مصالحه دونما اكتراث في ليبيا أو بالحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها وأمن شعبها..!
***
إضافة إلى الوضع في سوريا، تلك الكارثة المستمرة منذ عقد من الزمن، ولا عرب مصلحين في المشهد، بل وأن مندوب سوريا موجود في هيئة الأمم لكنه مُغيبٌ في الجامعة العربية؟!.. والسؤال كيف لنا أن نُسهم في حل المعضلة السورية ونحن كعرب لا نتحدث مع أطرافها؟!.. إن المطلوب خطوات جريئة نحو سوريا وانفتاح على أطراف المعادلة السورية، كسبيل أوحد لامكانية ترتيب الأمور وكف عبث الآخرين بالدولة السورية وبمستقبلها.
والأمر الأكثر دهشة وتعجباً في لبنان، هذا البلد العربي الذي يستصرخ الأشقاء بأن يفكوا من كربه، حيث يدفع اللبنانيون ثمن خلافات إقليمية ودولية وحروب الآخرين على أرضه، حروب لا ناقة له منها ولا جمل. مطلوب أن يبادر العرب إلى إدارة حوارٍ جدي بين القوى النشطة والمتعارضة في لبنان، لتذكيرهم أن لا مستقبل لهم إن لم يعلوا مصلحة لبنان على المصالح الصغيرة، علماً بأن إضعاف الأثر الأجنبي الضار في لبنان، انما يتم بتدخلٍ عربي إيجابي.
***
واليوم فإن الأمور تتأزم بين الأشقاء في المغرب والجزائر، وتنذر بالشؤم وبمواجهة عسكرية، بحربٍ إن حدثت لا سمح الله، فإنها لن تبقي ولن تذر. فالجزائر اليوم قوة عسكرية واقتصادية يُعتد بها، والمغرب العربي دولة حقيقية بها كل مقومات المستقبل الطيب، فهل نضحي بكل ذلك على خلفية صراعات سياسية يمكن أن تُحل بحوارٍ بين الأشقاء وبدورٍ عربيٍ إيجابي منتظر.
وبعد.. فإن في قانون العشائر ما قبل قيام الدولة كان هناك قاضٍ عشائري، يطلق عليه قاضي «القلطة» أو «منقع الدم»، وهو يُماثل أعلى مستوىٍ قضائي حالي كرئيس محكمة التمييز. فهل خلت أوطاننا من هذا القاضي الموجود في عمق أعرافنا القديمة؟!
والله ومصلحة العرب من وراء القصد..